مقال: حكامُ بلاد المسلمين المشاركون في “قمة شرم الشيخ للسلام” شهودُ زور على تصفية قضية فلسطين
حكامُ بلاد المسلمين المشاركون في “قمة شرم الشيخ للسلام”
شهودُ زور على تصفية قضية فلسطين
انعقدت في 13/10/2025م ما أسمَوها “قمة شرم الشيخ للسلام” برئاسة كلٍّ من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وبحضور أكثر من عشرين دولة، وسكرتير عام الأمم المتحدة، وأمين عام جامعة الدول العربية، ورئيس المجلس الأوروبي.
أما الدول العربية والإسلامية المشاركة في هذه القمة فهي: مصر؛ التي انعقدت هذه القمة على أرضها، والأردن وتركيا وإندونيسيا والإمارات وباكستان والبحرين والكويت وسلطنة عمان.
لم تر الأمة من حكامها خلال سنتي حرب الإبادة اليهودية على غزة إلا التنديد والشجب والاستنكار، والدعوة إلى حلّ الدولتين (المشروع الأمريكي) الذي يتضمّن الاعتراف بكيان يهود وحقّه في الأرض المباركة فلسطين، والدعوة إلى السلام، والعجب كلّ العجب أن نرى كيان يهود يقوم بالإبادة الجماعية والتدمير في غزة والحكّام يدعون إلى السلام!
والأعجب من ذلك التقرير الذي نشرته صحيفة الواشنطن بوست عن قيام عدد من الدول العربية بتعزيز تعاونها الأمني والعسكري مع كيان يهود طوال فترة الحرب، وقد تعاونت صحيفة الواشنطن بوست والاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين في إعداد هذا التقرير، كما ساهم دان لاموث في إعداده، وبحسب التقرير فإن مسؤولين عسكريين إسرائيليين وعرباً اجتمعوا في لقاءات وتدريبات، بتسهيل من القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)، تمحورت حول التهديدات الإقليمية وإيران والأنفاق تحت الأرض. وعقدت اجتماعات تخطيطية في البحرين ومصر والأردن وقطر بمشاركة ضباط رفيعي المستوى من الجانبين، وبحسب الوثائق اجتمع كبار المسؤولين العسكريين (الإسرائيليين) والعرب في قاعدة العديد الأمريكية في قطر، في مايو/أيار 2024، وأن الوفد (الإسرائيلي) ذهب إلى القاعدة الأمريكية مباشرة دون الدخول إلى قطر عبر المطارات حتى لا يتم كشفه. وتقول الواشنطن بوست إن الوثائق المسربة التي اطلعت عليها كان قد حصل عليها الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، وتتألف من خمسة عروض تقديمية من برنامج باوربوينت للقيادة المركزية الأمريكية. وتتحدث الوثائق عن إنشاء ما يصفه الجيش الأمريكي بـ”الهيكل الأمني الإقليمي”، ويضم “الهيكل الأمني الإقليمي (إسرائيل) وقطر والبحرين ومصر والأردن والسعودية والإمارات، مع اعتبار الكويت وعُمان “شريكين محتملين”، وفق الواشنطن بوست. وقد قامت بنقل التقرير عن الواشنطن بوست وتلخيصه الكثير من المواقع الإعلامية والصحفية والإخبارية منها البي بي سي نيوز.
نعم، هؤلاء هم الحكام في بلاد المسلمين، يتظاهرون في الإعلام وفي المحافل الدولية علناً بإدانة جرائم كيان يهود وهم يتعاونون معه في السر، بل إنّ منهم من يمدّه بأسباب الحياة، وأسباب القوة المادية والعسكرية، ويمنعون الشعوب في بلادهم من التظاهر، بل يمنعونهم من مجرد التعبير عن آرائهم ومواقفهم ومشاعرهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وقد سنّوا لأجل ذلك قوانين الجرائم الإلكترونية، يُـخرسون بها ألسنة الناس ويكسرون أقلامهم!
سنتان من القتل والتدمير والإبادة الجماعية قام بها كيان يهود المسخ في غزة ولم يحرّك هؤلاء الحكام المتخاذلون جيشاً، ولم يطلقوا رصاصة، بل إنّ الدول المحيطة بكيان يهود إحاطة السوار بالمعصم كانت تحمي حدود كيان يهود، وتمنع كل من يحاول من أبناء الأمة أن يتسلل إلى الأرض المباركة منتصراً لإخوته الذين يتعرضون للموت والجوع والتشريد. إنّ أبناء الأمة الإسلامية يتشوّقون لنصرة إخوانهم في غزة وفلسطين، وكذلك الجنود والضباط في جيوش بلاد المسلمين، ولكن الحكام المتخاذلين المتآمرين مع يهود يمنعونهم من القيام بواجبهم تجاه إخوانهم.
وتأكيداً لخيانة هؤلاء الحكام وتآمرهم مع أعداء الأمة انساقوا جميعاً وبإشارة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب -انساقوا لمباركة ما وصفه ترامب بالحدث العظيم في الشرق الأوسط، قمة شرخ الشيخ للسلام، تنفيذاً لخطة ترامب للسلام، تلك الخطة التي تثبت كيان يهود في فلسطين، وفي أكثر من 50% من أرض غزة، وتجعل للكافرين سلطاناً على المؤمنين فيها. وكانوا قد انساقوا قبل ذلك بإشارة من ترامب ليجتمع بهم في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة 23/9/2025م، ليعرض؛ بل ليفرض عليهم خطته للسلام في غزة، ورحبوا بها حين إعلانها وربما دون أن يقرأوها، فلا يهمهم ذلك، بل إنّ ما يهمّهم هو الانصياع لأوامر الرئيس الأمريكي، وتثبيت كيان يهود، وليس ذلك غريباً عليهم؛ فهم وآباؤهم ومن سبقهم من الحكام ساعدوا في تثبيت كيان يهود، واعترفوا له بالحق في الأرض المباركة فلسطين، ومنهم من عقد معه اتفاقات سلام، ومنهم من قام بالتطبيع معه، ومنهم من ينتظر!
لقد ارتضى هؤلاء الحكام أن يكونوا شهود زور على تضييع قضية فلسطين، وعلى هدر الدماء والتضحيات التي قدّمها المسلمون، وما زالوا يقدّمونها دفاعاً عن فلسطين، ومقاومة لاحتلال يهود لها، شهود زور في قمة شرم الشيخ للسلام، عدوّهم يحارب المسلمين ويقتلهم في كل مكان وهم يشهدون زوراً وبهتاناً توقيع خطة ترامب للسلام، ألا ساء ما يحكمون!
إن فلسطين الأرض المباركة جزء من عقيدة المسلمين، وواحد من مفاهيم الأعماق لديهم كباراً وصغاراً، رجالاً ونساءً، روّاها الصحابة الكرام بدمائهم الطاهرة، وحافظ عليها التابعون، وحرّرها صلاح الدين من رجس الصليبيين، وحافظ عليها عبد الحميد من كيد يهود، وما سقطت فلسطين بأيدي الكفار واليهود إلا بعد سقوط دولة الخلافة، وهو ما ذكره السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله: إن ذهبت دولة الخلافة فستأخذون فلسطين بغير ثمن، وهذا ما كان، ولكن ما سيكون -بإذن الله تعالى- أن تعود فلسطين قريباً بإذن الله إلى حمى المسلمين بعودة دولة الخلافة على منهاج النبوة، التي تتشوّق الأمة لعودتها، وتعمل لإعادتها مع حزب التحرير الرائد الذي لا يكذب أهله، وستقيم الأمة وجيوشها الخلافة على أنقاض عروش هؤلاء الحكام المتخاذلين.
(وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا)
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية الأردن
عبد الله أحمد