حزب التحرير ولاية الأردن

الرعب الغربي من الإسلام السياسي ودولته تترجمه أمريكا وأتباعها بالإقصاء والمكر

بسم الله الرحمن الرحيم

العداء للإسلام والمسلمين ليس وليد اللحظة وإنما هو وليد الوقت الذي صدع بها رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بدعوة الإسلام والتوحيد وإخراج الناس من عبودية العباد إلى عبودية رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، وقد اتخذ أشكالا وأساليب متعددة، الى أن وصل إلى ما وصل إليه من أساليب شيطانية خفية ماكرة، ساعده في ذلك تراكمات فكرية قمعية على مدى عقود من الزمن، أبعدت فيها الأمة عن كينونتها كأمة ذات رسالة عالمية، وأبعدت عن مفاهيم دينها وصراطها المستقيم، فأدمجت أفكار الكفر في منظومة عقيدتها والأحكام الشرعية المتعلقة بالمحافظة على مُثُلها العليا المتعلقة بدينها ودنياها.

ووصلت بذلك إلى هذه الأوقات من فقدان بوصلة الطريق القويم في كفاحها للتخلص من وضعها البائس، في محاولات استعادة وضعها المتميز في طليعة الأمم وخير أمة أخرجت للناس، والمحافظة على مقدراتها، وضحت بالملايين من أبنائها ودمرت البنى التحتية لبلادها، وكلما حققت انتصارا بالقضاء على الأنظمة التي حكمتها بالقتـل والتعـذيب الوحـي، مثل نظام طاغية سوريا، عادت لتنتكس من جديد، كالذي سقط في غيابة الجب وكلما اقترب من الخروج من الحفرة التي سقط فيها، عاد ليسقط من جديد الى القاع.

لقد بلغ التآمر على عودة الدولة الإسلامية وما يسمى بالإسلام السياسي مبلغه، ذلك أن أعداء الإسلام والأمة الإسلامية يعلمون أن دولة الخـلافة قائمة وقادمة لا محالة بإذن الله تعالى، على يد الأمة الإسلامية والعاملين المخلصين من أجل اقامتها، فوضعوا العراقيل والعقبات، ودسوا الدسائس والأكاذيب، وبثوا الفتن والفرقة بين أبناء الأمة، ووضعوا الحدود ونصبوا العملاء ووضعوا الوطنية محل مفهوم الأمة فعجزت وشلوا حركتها، فبات الأهل في فلسطين وغزة والشام من قبل، والسودان وكشمير وميانمار واليمن وغيرها، يقتـلون ويعـذبون ويجوعون ولا أحد من المسلمين وجيوشهم ينتصر لهم.

فتم توظيف الحكام في البلاد العربية والإسلامية والأحـ زاب الوطنية، والشخصيات في المناصب الرسمية ومجالس النواب والأعيان، والأجـهزة الأمـنية، وعلماء السلاطين لتقوم بدور العداء واستعداء الإسلام والمسلمين، وكل ما يمت للإسلام بصلة ولو كان يتعلق بالعبادات، ويصور الخطر بأنه من الإسلام بأي شكل كان، ويقوم بتسويغ ما هو معلوم من الدين بالضرورة لضرب أفكار الإسلام وأحكامه، بالذرائعية البراغماتية، والتخلي عن أحكام الإسلام الشرعية، وضرورة تطبيقها الفوري في حال التمكين المخلص، بأسباب واهية لا ترقى لأن يكون لها أصل شرعي، ومبررها الوحيد هي الواقع الراهن والرعب من الغربي الكافر وقواه المادية واسترضاؤه بما يغضب الله والأمة التي ما تخلت عن تضحياتها بأرواحها وكل ما تملك.

والحقيقة أن المسـتعمر الكـافر وعلى رأسه أمريكا وأوروبا وروسيا وأشياعهم، هم الذين يتملكهم الرعب، حين يرضون في النهاية بديلاً لبشار الطاغية من جنس من كانوا يتهمونهم بالإرهـاب بحجة دعوتهم وجـهادهم لإقامة حكم الإسلام، ويضعون الجوائز للقبض عليهم، فلم تنفع معهم كل الإمدادات العسـكرية والأمـنية والمادية، فأسقط بيدهم وكان لا بد من سقوط الطاغية، وبلوغ المجـاهدين لسدة الحكم، وباتوا يشترطون عليه ويراقبونه، في حكم علماني ظاهره الإسلام، يهادن أعداء الأمة من فلول أسد ويـهود، ويفتح الأبواب لقواعد روسيا وأمريكا، وتتقاطر عليه أنظمة التبعية من عرب وعجم وهم الذين صمتوا عن كلمة تنديد واحدة عن جـ رائم عائلة أسد على مر العقود بالشعب السوري التي لم يشهد لها التاريخ الحديث مثلاً.

إن الإسلام سياسي في طبيعته، وعقيدة لا إله إلا الله محمد رسول الله، هي عقيدة سياسية وهي تعني ان لا معبود إلا الله وأن الحاكمية لله في جميع أوامره ونواهيه (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)، والعقيدة الإسلامية هي أساس الدولة ودستورها وقوانينها وسياستها الداخلية والخارجية، وأساس نظام الحكم فيها، وأنظمة الدولة منبثقة عنها، فالدولة عندما ترعى شؤون الأمة بعقيدتها والنظام المنبثق عنها فهي السياسة بعينها، فالذين يطالبون بالمدنية العلمانية لحكم المسلمين إنما يدعون لمستحيل، وهو إقصاء عقيدة الإسلام عن الأمة وأفرادها بكل أركانها وسياساتها المتعلقة بالحكم والعلاقة مع دول الاستعمار المحـاربة والطامعة.

إن أهم ما يقوض محاولات دول الكـفر العلمانية وأتباعهم من الحكام والقلة من شراذم الإعلام والأحـزاب اليسارية والعلمانية، هو وعي المسلمين على مفاهيم العقيدة الإسلامية وأحكامها الشرعية، ومن ثم وعي المسلمين على محاولات رؤوس الكـفر أمريكا وأعوانها، في محاولاتها لتأخير قيام دولة الخـلافة، والوقوف في وجه من يعمل للصد عن سبيل الله بأيدي من ضل من المسلمين، وتضييع جهود الأمة ودمـائها، في سوريا وغيرها من بلاد المسلمين، لا يكون إلا بمنع تدوير وجوه الحكم العلماني الفاسد بوجوه أكثر تقبلا عند المسلمين، وتفويت فرصة الإبقاء على منظومة الكـفار وأتباعهم من حكام العرب والمسلمين الذين يسعون معهم لتثبيت حكم علماني مثيل لما في بلدانهم، ولا يكون ذلك إلا بإقصاء هؤلاء الحكام، يد أمريكا المحلية في التآمر على المسلمين، فهي ليس لها سلطان على الأمة إلا من خلالهم، وحتما لن يكتمل النصر ولن تضيع دماء المسلمين في سوريا وكل بلاد المسلمين سدى إلا بالعمل الذي ابتدأت من أجله الثورة في الشام وضحت في سبيل الله، نيابة عن كل الأمة، وهو قيام دولة الإسلام التي تهتز لها جنبات الأرض، وترتعد عندها فرائص المستعمرين وتنسيهم وساوس الشياطين. وتصنع بذلك فجراً جديدا، ينير درب الأمة في تبليغ رسالتها من جديد.

﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾.

 

كتبه: د. خالد الحكيم