اتساع رقعة الفقر نتيجة طبيعية لتطبيق النظام الرأسمالي
الخبر:
المديرة العامة لصندوق المعونة الوطنية للمملكة: شمول 15 ألف أسرة جديدة في الصندوق العام المقبل 22/11/2024 (قناة المملكة).
وقد (استفادت أكثر من 40 ألف أسرة من برامج المعونات الشهرية وبرامج الدعم النقدي الموحد الذين ينفذهما صندوق المعونة الوطنية للعام الحالي، ليصل إجمالي المنتفعين إلى 236613 أسرة.
ووفق تقرير أداء برامج صندوق المعونة الوطنية، الذي حصلت عليه “المملكة”، فإن الصندوق خصص معونات لـ 10807 أسر في برامج المعونات الشهرية، ولـ 29245 أسرة لبرنامج الدعم النقدي الموحد خلال العام 2024.)17/11/2024 المملكة.
ووفق تقرير صحفي عن انجازات صندوق المعونة الوطنية خلال عام 2023 ورد فيه (جرى دمج قرابة 50% من المستفيدين من البرنامج القديم (برنامج المعونات الشهرية) ضمن برنامج الدعم النقدي الموحد ليرتفع إجمالي المستفيدين إلى 170 ألف أسرة في عام 2023، وبعدد أفراد يبلغ 900 ألف، مقابل 120 ألف أسرة في عام 2022.) موقع صندوق المعونة الوطنية.
التعليق:
إن الناظر في أحوال أهل الأردن يرى مدى البؤس وضنك العيش المتعمق على مر السنوات والذي تعيشه نسبة متعاظمة من الناس في ظل تطبيق النظام الرأسمالي في البلاد، فثروات البلاد الهائلة لا يستفيد منها أهل الأردن، فقد تم خصخصة كل مورد عام يمكن أن يعود بالنفع على الناس، بل إن النظام يصرح دائما بأنه دولة فقيرة الموارد، ويخرج بتصريحات تنافي ذلك بين الحين والآخر لاعتبارات سياسية، فتارة يتحدث عن ثروة هائلة جنوب الأردن من السيليكا، وتارة عن النحاس والصخر الزيتي، وآخرها عن كميات مهولة من الغاز الطبيعي، ولكنه دائما ما يقرن هذه الثروات بكلفة باهظة للاستخراج وأن الدولة لا تمتلك هذه المبالغ، وهي بحاجة لوقت طويل حتى يتم الاستفادة منها. وبالتالي بقاء الناس في ظل الفقر والبطالة وعدم وجود مشاريع من شأنها تشغيل العاطلين عن العمل لكفاية أنفسهم وأهليهم وخروجهم من دائرة الفقر التي تزداد كل عامٍ عما قبله.
لقد نظر الإسلام إلى المشكلة الاقتصادية على أنها في توزيع الموارد على الناس، وقرر أن موارد الأرض تكفي أهلها الذين يعيشون فوقها، بخلاف نظرة المبدأ الرأسمالي الذي تصوّر أنها في قلة الموارد وزيادة حاجات الناس، يقول الله سبحانه وتعالى عن الأرض: (وقدّر فيها أقواتها)، أي أقوات أهلها، فما في الأرض من ثروات مقدّر بمقدار البشر الذين يعيشون فيها، ولذلك انصبت معالجات الإسلام الاقتصادية على توزيع الثروة وليس على إنتاجها، علاوة على تمكين الدولة لأصحاب رؤوس المال الأجانب أو المحليين من مشاريع استغلال الثروات، فتنهب هذه الملكيات العامة التي هي من حق الناس، بينما وجب على الدولة في الإسلام أن تقوم بالإشراف على مشاريعها -الملكيات العامة- لتوزع على الناس بأفضل ما يمكن كما يقتضي الشرع في الإسلام، وهي إذ لا تفعل ذلك فتكون الدولة والنظام هي أحد الأسباب الرئيسة في إيجاد الفقر واتساع رقعته وتعمق مداه، فلا تتفاخر مضللة أنها تزيد من شمول الأسر الفقيرة بالمعونات، وهي المسؤولة عن فقرهم ابتداءً.
فالفقر من الأمور التي تورد الأمة موارد الضعف والهلاك، واعتبر الإسلام الفقر ضعفا، وشرع أحكاماً لعلاجه وإنهائه من المجتمع، فمجموع الأدلة التي وردت بالإنفاق، وأحكام الصدقات، وأحكام الزكاة، وتكرار الحث على إعالة الفقراء والمساكين وابن السبيل والسائلين، كلها تدل دلالة واضحة على أن المشكلة الاقتصادية هي فقر الأفراد أي هي عدم تمكن الأفراد من الحصول على ثروة البلاد ما يسد حاجاتهم الأساسية، وأوجب الإسلام على الإمام رعاية شؤون رعيته، فقال عليه الصلاة والسلام: “والإمام الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته”، وضمن الإسلام لكل فرد من أفراد الرعية حاجاته الأساسية الفردية وهي: المأكل والملبس، وحاجاته الأساسية. كذلك الجماعية وهي: الأمن، والتعليم، والتطبيب.
أما الحاجات الأساسية العامة فتؤمّنها الدولة لجميع أفراد الرعية دون تفريق بينهم، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “من أصبح آمناً في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه فكأنما حِيزت له الدنيا بحذافيرها”، فأمر وحث على إعالة الفقراء، وجعل النفقة على الأقارب الورثة، فإن لم يكن للفقير أقارب انتقل الفرض إلى المسلمين وبيت المال، قال -صلى الله عليه وسلم-: “ما آمن بي من بات شبعانَ وجاره جائعٌ إلى جنبِه وهو يعلم به” رواه البزار عن أنس. والرسول صلى الله عليه وسلم ألزم الأنصار بإعالة المهاجرين الفقراء مما يدل على أنه فرض على جميع المسلمين حتى يكفوهم. وما كان فرضاً على جميع المسلمين كان على الخليفة بما عليه من واجب رعاية الشؤون.
إن العالم أجمع يعاني من جور الرأسمالية، ففي ظله من يملك المال يستطيع أن يسد احتياجاته وأما من لا يملكه فليس له حق في شيء.
إن الواجب على المسلمين في العالم ومنهم أهل الأردن أن يعملوا لتغيير هذا الواقع المرير الذي يعيشونه ويعملوا مع المخلصين لإقامة دولة الخلافة الراشدة التي ترعى الناس بنور الإسلام فتعيد ما للأمة من ثروات ينتفع منها أبناؤها ضمن دائرة الملكية العامة ويرتقوا بالمجتمع الإسلامي حتى يكتفي كل فرد فيه وتُلبى احتياجاته الأساسية ويُعمل لتوفير الكماليات له.
قال الله تعالى:( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)) النحل
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية الأردن
محمد محمد الأحمد