حزب التحرير ولاية الأردن

النظام في الأردن يرعى الربا ويكرس النظام الرأسمالي

في الوقت الذي بلغت فيه مديونية الأفراد في الأردن والعائدة لبنوك محلية 13.3 مليار دينار (حوالي 18.8 مليار دولار) 22/9/2024 (العربي الجديد) ، نتيجة اقبال الناس على الاقتراض، لتمويل حاجات أساسية، خاصة السكن والتعليم والصحة، تطلق جمعية البنوك في الأردن مبادرة بـ200 مليون دينار لدعم شراء شقق سكنية، بشروط سداد مرنة تمتد حتى 25 عاماً، وبنسبة فائدة 4.99% وتبقى ثابتة خلال السنوات الثلاثة الأولى من فترة القرض 12/11/2024 (خبرني).

إن إعلان جمعية البنوك في الأردن لهذه المبادرة تزامن مع إعلان الحكومة لقرار مجلس الوزراء يوم الثلاثاء12/11/2024 برئاسة رئيس الوزراء جعفر حسّان، إعفاء الشقق السكنية من رسوم المسقفات بنسبة 50% لمدة 3 سنوات لمن يشتري شقة لأول مرة، وذلك ضمن الخطة التي وضعتها الحكومة للتحفيز الاقتصادي حسب وزير الدولة للشؤون الاقتصادية مهند شحادة، في مؤتمر صحفي عقب انتهاء جلسة مجلس الوزراء المنعقدة في محافظة إربد (المملكة).

إن المتابع لأحوال الناس في الأردن يرى بكل وضوح كيف تطبق الدولة سياسات النظام الرأسمالي الذي أشقى البلاد والعباد، بل أشقى العالم كله وكواه بنار جوره وظلمه.

فالحكومات المتعاقبة في الأردن دائما ما تطلق مبادرات وقرارات ظاهرها فيها الرحمة والحرص على مصلحة الناس بينما هي نار تحرق ثمرة جهود الناس وأموالهم، فتراها تلاحق الناس من خلال قوانين الضرائب والجمارك، وتارة بتطبيق نظام الفوترة الوطني المرتبط مباشرة بدائرة الضريبة وتفرض الغرامات على الشركات والمؤسسات التي لا تلتزم به، وتفرض الربا على من يقوم بتسديد الضرائب بالأقساط تحت مسمى الفائدة، بل وتعمل على وضع جوائز للناس لمن يسجل فواتير الشراء من خلال تطبيق فواتيري الذي أطلقته دائرة ضريبة الدخل والمبيعات، زيادة في مراقبة الناس ومراقبة حركة أموالهم لتنقض عليهم وتُخالف وتُغرم من لم يسجل في النظام الضريبي. ولا أدل من تصريح وزير الدولة للشؤون الاقتصادية في المؤتمر الصحفي الذي ذُكر أعلاه من أن عدد الأردنيين الذين قدموا للجنة التسويات في ضريبة الدخل والمبيعات كان عددهم 4204 أردنيين، مبينا أن المبلغ المنظور أمام اللجنة بلغ 133 مليونا دون الغرامات التي تبلغ 52 مليونا.

فكيف للدولة أن لا ترعى هذه البنوك وتضفي الشرعية على المعاملات الربوية فقد قننت لها ووضعت لها من التشريعات والأنظمة من خلال نظام البنك المركزي وأدواته، إن النظام في الأردن لم يلتفت لصرخات الناس الذين احتجوا على سياسات البنوك حين رفعت نسبة الفائدة مرات ومرات، وارتفع بالتالي الربا المراد تحصيله من الناس نتيجة القروض التي أخذوها من البنوك، وزادت من ارتهانهم لها، ولم يلتفت لصرخاتهم بتخفيف الضرائب، بل إن النظام يتفنن في إيجاد مسميات جديدة للضرائب غير المباشرة كضريبة مساهمة وطن، التي فرضها على المعاملات الجمركية وغيرها من المسميات. فالنظام المطبق يزيد من غنى البنوك وأصحاب رؤوس الأموال ويزيد الناس فقراً وشقاءاً، فتتغول هذه البنوك على الناس وترهن ما يملكون لها.

هذا غيض من فيض فواقع النظام الرأسمالي أبشع مما يمكن تصويره في بضع كلمات أو بضع سطور.

إن الإسلام الذي هو منهج مُنزل من رب العالمين لم يدع للبشر أن يسيروا في هذه الحياة سدىً دون أن يشرع لهم أحكاما تضمن لهم سعة العيش والطمأنينة، فحرم الربا وأحل البيع ووضح أحكامه، ورد في كتاب النظام الاقتصادي لحزب التحرير: (فالإسلام في الوقت الذي يُشرِّع أحكام الاقتصاد للإنسان يجعل التشريع موجهاً للفرد. وفي الوقت الذي يعمل لضمان حق العيش، والتمكين من الرفاهية، يجعل ذلك يتحقق في مجتمع معين، له طراز خاص من العيش…. ولذلك تجد الأحكام الشرعية قد ضمنت توفير إشباع جميع الحاجات الأساسية إشباعاً كلياً لكل فرد من أفراد رعية الدولة الإسلامية، من مأكل وملبس ومسكن…. وهو في نفس الوقت حدد كسب المال لهذا الفرد فحرّم إنتاج الخمر واستهلاكها عل كل مسلم، ولم يعتبرها بالنسبة له مادة اقتصادية. وحرّم أكل الربا والتعامل به على كل من يحملون التابعية الإسلامية وورد فيه أيضا في باب الربا: (منع الشرع الربا منعاً باتاً مهما كانت نسبته، سواء أكانت كثيرة أم قليلة. ومال الربا حرام قطعاً، ولا حق لأحد في ملكيته، قـال الله تعـالى: ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا (276) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَـ رْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279))

والوصف الواقع للربا هو أن هذه الفائدة التي يأخذها المرابي، هي استغلال لجهد النّاس، وهي جزاء من غير بذل جهد….

ولذلك وجب أن يُغير النظام الاقتصادي الحالي برمته، وأن يوضع مكانه – وضعاً انقلابياً شاملاً- النظام الإسلامي للاقتصاد. فإذا أُزيل هذا النظام، وطبق النظام الإسلامي، برز للناس أن المجتمع الذي يطبق الإسلام لا تظهر فيه الضرورة إلى الربا؛ لأنّ المحتاج إلى الاستقراض، إما أن يحتاجه لأجل العيش، أو يحتاجه لأجل الزراعة. أما الحاجة الأولى، فقد سدها الإسلام بضمان العيش لكل فرد من أفراد الرعية. وأما الحاجة الثانية، فقد سدّها الإسلام بإقراض المحتاج دون ربا، فقد روى ابن حِبّان وابن ماجه عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من مسلم يقرض مسلماً قرضاً مرتين إلاّ كان كصدقتها مرة») انتهى الاقتباس.

إن الواجب على أهل الأردن أن يأخذوا على يد هذا النظام ويأطروه على الحق أطرا، وأن يمتنعوا عن أي معاملة ربوية وأن يرفعوا صوت الحق في وجه هذا النظام بحرمة الربا وأكله سواء على المستوى المحلي أم على المستوى الدولي فلا تقترض الدولة داخليا من مؤسسات أو أفراد كمؤسسة الضمان الاجتماعي أو خارجيا من صندوق النقد الدولي أو غيره بالربا الذي زاد مديونية البلاد إلى أرقام فلكية في بضع سنوات- فأصبحت الدولة تستدين لسداد الربا الناتج عن هذه الديون ولا تستطيع سد أصل الدين- فالواجب على أهل الأردن أن لا يضعوا أنفسهم في حـ رب مع الله، فمن له طاقة بالحـ رب مع الله خالق الكون.

كما أن الواجب على أهل الاردن أن يعملوا مع العاملين المخلصين لاستئناف الحياة الإسلامية من خلال إقامة دولة الخـ لافة الإسلامية التي تطبق الإسلام كاملا ومن ضمنه النظام الاقتصادي ليتخلص الناس من جور وظلم النظام الرأسمالي ويسعدوا بالحياة في ظل نظام الرحمة المنزل من لدن الحكيم الخبير.

 

كتبه للمكتب الاعلامي لحزب التحرير / ولاية الاردن

الاستاذ محمد محمد الأحمد