الرسالة السادسة وسائل الإعلام الحديثة تبطل حجة المتذرعين باختلاف المطالع
الرسالة السادسة
وسائل الإعلام الحديثة
تبطل حجة المتذرعين باختلاف المطالع
الحَمدُ للهِ الذي فَتحَ أبوَابَ الجِنَانِ لِعبَادِهِ الصَّائمينْ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى أشرَفِ الأنبيَاءِ وَالمُرسَلينْ، المَبعُوثِ رَحْمَةً لِلعَالمينْ، وَآلهِ وَصَحبهِ الطيِّبينَ الطَّاهرينْ، وَمَنْ تبِعَهُ وَسَارَ عَلى دَربهِ وَاهتدَى بهَديهِ وَاستَنَّ بسُنَّتهِ، وَدَعَا بدَعوَتهِ إلى يَومِ الدِّينْ.
مستمعي الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير: السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، وبعد: إليكم الرسالة السادسة من “الرسائل الرمضانية من هدي القرآن والسنة النبوية”، وهي بعنوان: “وسائل الإعلام الحديثة تبطل حجة المتذرعين باختلاف المطالع”.
إخوةَ الإيمانِ: أيها الصائمون:
الألفاظ الواردة في الحديث النبوي: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يومًا». جاءت عامة، فكلمة (رؤيته) اسم جنس، تدل على العموم، وكذلك الضمير في كلمتي (صوموا) و(أفطروا) يدل على عموم المسلمين، فيكون خطاب الشارع عاماً يشمل جميع المسلمين أينما كانوا، وفعلهم متعلق بسبب عام وهو مطلق الرؤية من أي مسلم. فإن ثبتت رؤية هلال رمضان، أو هلال شوال، بالوجه الشرعي التزم المسلمون جميعهم بهذه الرؤية في صومهم وفي عيدهم، لا فرق بين بلد وبلد، ولا بين مسلم ومسلم، لأن من يرى الهلال منهم حجة على من لم يره، وليس شهادة مسلم في بلد أولى من شهادة مسلم في بلد آخر، ولا قيمة للتقسيمات والحدود التي أقامها الكفار في بلاد المسلمين.
أما اختلاف المطالع الذي يتذرع به بعض العلماء وغيرهم، فهي من باب تحقيق مناط الحكم الذي بحثه الفقهاء السابقون للواقع الذي كان موجوداً زمنهم، حيث كان المسلمون لا يتمكنون من إبلاغ رؤية الهلال، إلى جميع سكان دولة الخلافة المترامية الأطراف، لأن وسائل الإعلام التي كانت متاحة يومئذ، كانت قاصرة عن ذلك.
وأما اليوم فوسائل الإعلام الموجودة، قادرة على نقل خبر رؤية الهلال إلى أي مكان في ثوان معدودة، فيلزم المسلمين الصوم أو الإفطار لمجرد سماعهم خبر رؤية الهلال، ولو لم يروه هم في بلدهم، ما دام الذي رآه مسلماً، سواء أكان في مراكش أو في مكة أو في بخارى، وسواء رآه بالعين المجردة أو بواسطة آلة مكبرة أو مقربة، ما دامت الرؤية بالعين قد تحققت، غير أن الاقتصار على الحسابات الفلكية فقط لمعرفة تولد الهلال دون رؤيته بالعين البشرية، لا يعد رؤية، ولا قيمة شرعية له، لأن السبب الشرعي للصوم أو للإفطار، هو رؤية الهلال بالعين، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فافطروا، فإن غم عليكم فاقدروا له». فاللفظ عام يشمل جميع المسلمين أينما كانوا، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته…» فرؤيته تتحقق من رؤية أي مسلم، وقد روي عن جماعة من الأنصار قالوا: «غم علينا هلال شوال، فأصبحنا صياماً، فجاء ركب من آخر النهار فشهدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمر الناس أن يفطروا يومهم، وأن يخرجوا لعيدهم الغد». (رواه الخمسة إلا الترمذي).
فالرسول صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يفطروا في يوم حسبوه من رمضان بسبب رؤية غيرهم هلال شوال، رغم أن الركب رأوا الهلال في غير المدينة، فقد رأوه في سفرهم قبل وصولهم المدينة.
اللهُمَّ أقـِرَّ أعْيُنَنَا بـِقيَامِ دَولةِ الخِلافَة، وَاجْعلْنـَا مِنْ جُنُودِهَا الأوفِياء المُخلِصينْ.
وَالسَّلامُ عَليكـُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتهُ.