حزب التحرير ولاية الأردن

الغرب يحارب المسلمين معتقداً ان المشكلة في الإسلام نفسه ج(1)

الغرب يحارب المسلمين معتقداً ان المشكلة في الإسلام نفسه

والأمة الإسلامية أجدر باتخاذ الإسلام أساساً لوعيها السياسي

ج (1)

لا يخفى على عموم المسلمين أن معظم الحروب التي يشنها الغرب على بلاد المسلمين، سواء اتخذت شكل الهجوم العسكري بالتدمير والقتل والإبادة، أم الهيمنة الاقتصادية والنهب من خلال مؤسساته الدولية الرأسمالية، أم حربه الفكرية الأيديولوجية في فرض نمطه المعيشي وقيم الحريات والديمقراطية، كما بات لا يخفى على أحد أن الغرب يستعين بحكام بلاد المسلمين ورجالاتهم من أوساطهم السياسية في تنفيذ هذه الحروب بالبطش والاستبداد، حتى باتت الأمة لا تثق بحكامها وتعمل لزوالهم.

لكن أعداء الإسلام وأعداء المسلمين عادة لا يظهرون عداءهم للإسلام بالعلن ومباشرة، لأن في ذلك استفزازا يستنهض مفاهيم الأعماق ويؤجج المشاعر نحو ردود أفعال  لا تحمد عقباها، فاكتفى أعداء الإسلام بإظهار عدائهم بتصريحاتهم الملتوية والتلبيس على المسلمين بمعسول الكلام، وهم يخفون عداءً في قلوبهم، وإعداد وتجهيز مادي عدواني فيما يحضرون له من حروب استباقية، ومع شدة بغضهم للإسلام تتفلت من أفواههم ما يدل ويؤكد على كراهيتهم للعقيدة الإسلامية وللمسلمين، تأكيدا لقول الله سبحانه وتعالى: (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ).

والذي يدقق في حقيقة العلاقة بين المسلمين ودول الغرب يجد أن العداء للإسلام متأصل في العقلية السياسية لقادة تلك الدول ومفكريهم، بل ويضرب جذوره في أعرافها وتقاليدها السياسية بل والاجتماعية، والذي يتعمق ويدقق أكثر يجد أن عداء الغرب الكافر المستعمر هو للإسلام أولاً، فهو متيقن بأن الخطر الذي تمثله شعوب المسلمين وأمة الإسلام على حياتهم إنما مصدره الإسلام نفسه، وإدراكاً من هذه الدول أن القوة الأعظم للمسلمين تتمثل في العقيدة الإسلامية، فقد أخذت سياسات الاستعمار الغربي تركز على القضاء على الإسلام في نفوس المسلمين، والأحداث القريبة منذ ما يزيد على القرن خير شاهد على ذلك.

وللتدليل على ذلك لابد من المرور على أمثلة من تلك البغضاء التي لا تقتصر على رجال السياسة والحرب من قادتهم، سواء من كانوا في الحكم أو خارجه فحسب، بل ومراكز الأبحاث والمراقبة من صناع القرار، وهي ملأى بالكتب والتصريحات والتعليقات والندوات التي تعقد وتسهر عليها أجهزتهم الاستخبارية والفكرية طوال الليل والنهار، فيما ينظر المسلمون لهذا الكم والنوع من العداء إما بسطحية ولا مبالاة، أو بحسن تأويل في اتخاذهم ما تمليه عليهم أنظمتهم بحكامها والمضبوعين من رجالها.

فلم تعد عبارات وتصريحات القادة السياسيين في دول الغرب الرأسمالي من مثل “الحرب الصليبية”، ” حرب الأفكار”، ” صدام الحضارات”، “المهمة الروحية والتاريخية”،” الحرب المقدسة وقيمنا”، زلات لسان يصرح بها أمثال بوش ورامسفيلد وسترو وكاميرون وماكرون وبلير وغيرهم، بل هي تعبير واضح لما يكنه هؤلاء من عداء متأصل للإسلام في نهجهم للحرب عليه، والأساس الذي تصاغ به سياسات العالم الرأسمالي اتجاه الإسلام وأهله

ففي مقابلة مع سي إن إن قال دونالد ترامب عام 2016: أعتقد أن الإسلام يكرهنا، وأكد أن الحرب ضد الإسلام المتطرف، وعندما سُئل عما إذا كانت الكراهية “داخل الإسلام نفسه”، قال ترامب إن هذا الأمر متروك لوسائل الإعلام لفهمه.

وفي مقال له نشرته بروجيكت سينيكيت عام 2013 قال توني بلير: إن مقتل لي ريغبي في أحد شوارع لندن الشهر الماضي لا يُشير إلى وجود مشكلة مع الإسلام. ولكن ثمة مشكلة داخل الإسلام: تيارٌ يحمل في جوهره رؤيةً للدين – وللعلاقة بين الدين والسياسة – لا تتوافق مع المجتمعات التعددية والليبرالية والمنفتحة.

وقال في مقال مطول له نشرته مجلة التايم عام 2014، وهو يرأس ما يسمى بمؤسسة بلير الإيمانية، يشرح فيه بالتفصيل كيفية مواجهة الإسلام المتطرف: “بالطبع، الإسلاموية ليست هي الإسلام. دين الإسلام دين إبراهيمي قائم على العطف والرحمة. هذا ليس صراع حضارات، بل هو صراع بين من يؤمنون بالتعايش السلمي بين أتباع جميع الأديان، وبين من لا يدينون بها، وبين المتطرفين، عالميًا، علينا أن ننتبه جيدًا إلى أي دليل على تعاظم التنظيمات الإسلامية، وعلى من يمولونها ويدعمونها أن يعلموا أننا نراقبهم، وأن ما يريدون إخفاؤه سينكشف للعلن”.

أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فقد صرّح في خطاب ألقاه عام 2020 بأن “الإسلام دينٌ يمرّ بأزمةٍ في جميع أنحاء العالم اليوم”، داعيًا إلى ضرورة الدفاع عن العلمانية في وجه “التطرف الإسلامي”. وقد فُسّر تصريحه على نطاقٍ واسعٍ من قِبَل النقاد على أنه يوحي بأن الإسلام نفسه، وليس التفسيرات المتطرفة فحسب، هو المشكلة.

وكتب بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني الأسبق في مقال له عام 2005 في مجلة “ذا سبيكتاتور” أن “المشكلة هي الإسلام. الإسلام هو المشكلة” وأن الإسلاموفوبيا (الخوف من الإسلام) تبدو “رد فعل طبيعي” على نصها المقدس.

أما ما ورد في كتاب “الحملة الصليبية الأمريكية – معركتنا للبقاء أحرارا” لكاتبه بيت هيغسيث الذي كتبه قبل الانتخابات الامريكية عام 2020، الذي حظي محتواه باهتمام كبير أواخر عام 2024م، بعد أن رشح الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب هيجسيث لمنصب وزير الدفاع الأمريكي، والذي أكد مجلس الشيوخ الأمريكي بصعوبة بالغة ترشيحه له في يناير 2025م، وهو يتقلد اليوم منصب  وزير الدفاع الأمريكي أو لنقل وزير الحرب الأمريكي في عهد ترامب الحالي، ومما جاء به باختصار للتدليل على عنوان هذا المقال الاقتباسات التالية:

 يقول هيجسيث الذي وشم ذراعه بكلمة “كافر” بالعربية: إن الإسلام “ليس دين سلام، ولم يكن كذلك قط”، ويزعم أن “جميع الدول الإسلامية الحديثة هي إما مناطق محظورة رسميًّا أو بحكم الواقع على المسيحيين واليهود المتدينين”. ويقول: إن الإسلام “استولى عليه الإسلاميون بالكامل تقريبًا واستغلوه”، ويدَّعي أن الإسلاميين يخططون لغزو أوروبا وأمريكا ديموغرافيًّا وثقافيًّا وسياسيًّا، متحالفين مع العلمانية لسحق “مؤسسات أمتنا اليهودية المسيحية”!

ويقول في كتابه: “الإسلام بحد ذاته لا يتوافق مع أشكال الحكم الغربية. من ناحية أخرى، فإن الدول التي تريد البقاء حرة… تقاتل بشراسة لمنع انتشار الإسلام“. ويقول أيضاً: “إن رواية “الإسلام = السلام” هي رؤية عالمية ساذجة وجبانة، فالإسلاموية تعد أخطر تهديد للحرية في العالم. لا يمكن التفاوض معها أو التعايش معها أو فهمها؛ بل يجب فضحها وتهميشها وسحقها! ومثل الصليبيين المسيحيين الذين صدّوا جحافل المسلمين في القرن الثاني عشر، سيحتاج الصليبيون الأمريكيون إلى حشد الشجاعة نفسها ضد الإسلاميين اليوم”

 

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية الأردن

د خالد الحكيم