حزب التحرير ولاية الأردن

مقال: في ذكرى الهجرة كنا أمة مبادرة في العالم فمتى سنعود

بسم الله الرحمن الرحيم

في ذكرى الهجرة كنا أمة مبادرة في العالم فمتى سنعود

 

ما أن وصل رسول الله ﷺ المدينة المنورة لإقامة دولة الإسلام الأولى حتى حدد دستورها وحدد السياسة الداخلية والخارجية فكانت وثيقة المدينة، هذه الوثيقة التي نظمت العلاقة بين المسلمين مع من جاورهم من القبائل، وبما أن قبائل اليهود كانت أكثر القبائل حضوراً في المدينة فقد جاءت أغلب بنود تلك الوثيقة متعلقة بتنظيم العلاقة معهم. وثم بدأ في الخروج خارج المدينة مبادرا فكانت السرايا والغزوات التي فرضت واقعا سياسيا جديدا في المنطقة، برز فيها بعض النقاط التالية: عقد المعاهدات مع القبائل التي تسكن حول المدينة، إشعار المشركين في المدينة ويهودها وأعراب البادية بقوة المسلمين، وإشعار قريش بالخطر على تجارتها وتهديد مصالحها.

لقد سبق غزوة بدر الكبرى التي كانت في شهر رمضان من السنة الثانية بعد الهجرة مجموعة من السرايا والغزوات وهي:

١- سرية سيف البحر.

٢- سرية رابغ.

٣- سرية الخرّار في السنة الأولى للهجرة.

٤- غزوة الأبواء أو ودّان في السنة الثانية للهجرة، وقادها الرسول ﷺ بنفسه، وهي أول غزوة غزاها ﷺ.

٥- غزوة بواط في السنة الثانية للهجرة.

٦- غزوة سفوان في السنة الثانية للهجرة، وقادها الرسول ﷺ بنفسه، وتسمى هذه الغزوة بدر الأولى.

٧- غزوة ذي العشيرة في السنة الثانية للهجرة، وقادها الرسول ﷺ بنفسه.

٨- سرية نخلة في السنة الثانية للهجرة.

 

وهكذا كانت دولة الإسلام منذ نشأتها حتى كان صلح الحديبية فانطلق المسلمون نحو العالمية وأرسل رسول الله ﷺ الرسل الى كبرى الدول في ذلك الزمان دولتي فارس والروم ووضع لدولة الإسلام مكانة بين هذه الدول الكبرى، فكانت غزوة مؤته وغزوة تبوك. ثم أكمل المسيرة بعد رسول الله الخلفاء الراشدون ومن خلفهم من خلفاء المسلمين سواءً خلافة بني أمية وبنو العباس وانتهاءً بالخلافة العثمانية.

 

فمن الأمثلة على ذلك:

 

الفتوحات الإسلامية التي توالت حتى وصلت الاندلس، فرض هيبة الخلافة الإسلامية في أرجاء المعمورة (رد هارون الرشيد على نقفور امبراطور الروم)، وكما فعل الخليفة المعتصم حين أنجد امرأة استغاثت به فكان رده بفتح عمورية وإعادة حق المرأة المسلمة.

 وفي الفترة من 1845 إلى 1849، ضربت أيرلندا مجاعة كبيرة بسبب تلف محصول البطاطا وأدى ذلك إلى وفاة مليون شخص على الأقل ففي ذلك الوقت لم تنجد بريطانيا جارتها بل أنجدتها دولة الخلافة العثمانية فأرسلت سفنًا محملة بالمواد الغذائية نجدة لها. بل إن دولة الخلافة كانت تتدخل في الشؤون الداخلية لأوروبا وتفرض ارادتها عليها، ورحم الله الخليفة عبد الحميد الثاني حين منع عرض مسرحية تستهزئ بالرسول ﷺ في فرنسا مهددا إياها بالحرب، فما كان من فرنسا إلا أن امتثلت صاغرة.

 

هكذا تاريخ دولة الخلافة على مدى 14 عشر قرنا في حين أننا اليوم لا خلافة لنا ولا دولة تحمينا ولا إمام يرعانا ويحكمنا بالإسلام. فمنذ ما يزيد عن مئة عام والأمة بلا خليفة ودولة خلافة تجمعها، وتحميها وتدافع عن مقدساتها وتحفظ دماء رعيتها. فالأقصى وكشمير وتركستان الشرقية يرزحون تحت نير الاحتلال، وبلاد المسلمين مقسمة وتقسم باستمرار وحكامها عملاء نواطير للغرب الكافر لا يملكون من أمرهم شيء رغم ما تمتلك الأمة من مقومات هائلة تجعلهم ينعتقوا من ذل التبعية ولكن هيهات هيهات لمن جعل سنده وولائه للكفر أن يكون عزيزا حرا بل هم عبيد يفعلون ما يأمرهم به أسيادهم في الغرب.

 

 فها هي غزة يباد أهلها وتمنع عنها كل وسائل النصرة من عدو غاشم لا يرقب في المؤمنين إلّا ولا ذمة. وها هي أمريكا رأس الكفر تفتعل الحروب في بلاد المسلمين فتشعلها وقتما تشاء وتنهيها وقتما تشاء وكأن بلاد المسلمين مزرعة من مزارعها تتصرف فيها كيفما تريد ووقتما تريد. وها هو الغرب يجعل من الأنظمة في بلاد المسلمين درعا واقية تحمي كيان يهود فتصد عنه الصواريخ وتحميه من ضربات متفق عليها مع الغرب لإبقاء مصالحه في بلادنا وفرض هيمنة موهومة لإبقاء أمة الإسلام خاضعة له.

 

هكذا كنا وهكذا صرنا فيا أمة الإسلام متى سنعود لنعلي راية الحق خفاقة في العالم تجير وتنصر المظلومين وتقتص من الظالم وتحفظ المقدسات والحقوق وتملأ الأرض عدلا ورحمة بعد ان ملئت ظلما وجورا.

 

فها هي ذكرى الهجرة تذكرنا بما كان وبما أصبح عليه حالنا حتى نعود لمنهج رسولنا الكريم ﷺ في إقامة دولة الخلافة وأن ننفض عنا ثوب العجز، ولنعمل لتحقيق وعد الله لعباده المؤمنين بالاستخلاف في الأرض ونحقق بشرى نبيه الكريم بعودة الخلافة الراشدة بعد الحكم الجبري، فسنن الله في كونه تقتضي العمل للتغير ولن ينزل الله معجزاته على البشر فقد انتهى زمن المعجزات ولن يرسل ملائكة تقيم الإسلام في الأرض وتقاتل عن المسلمين فإما أن نكون خير أمة أخرجت للناس ونعمل للتغيير ونقيم دولة الإسلام بالطريقة الشرعية التي أقام بها رسولنا الكريم دولة الإسلام الأولى أو سيستبدلنا الله بأناس يحبهم ويحبونه ويجري النصر على أيديهم.

 

﴿يأيها الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54)﴾.

 

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية الأردن

أ. باسم عبد الرحمن