حزب التحرير ولاية الأردن

خبر وتعليق: رمضان شهر التقوى والرحمة وليس الغضب والتسرع

فمن المسؤول عما وصلت له الأمة؟

بسم الله الرحمن الرحيم

الخبر:

   كشف الناطق الرسمي باسم دائرة الإفتاء العام، الدكتور أحمد الحراسيس، أن الدائرة أصدرت 12,370 فتوى خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان، من بينها 208 حالات طلاق واقعة و575 طلاقًا غير واقع. (رؤيا الإخبارية).

التعليق:

   أولاً: لقد ذكر الخبر حسب الحراسيس إلى أن أبرز أسباب الطلاق التي وردت إلى الدائرة شملت الغضب والتسرع، والتدخل السلبي من الأقارب، والخلافات حول المناسبات الاجتماعية، إلى جانب ضعف الوعي بالحقوق والواجبات الزوجية، وتأثير مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى الضغوط الاقتصادية والإساءات المتبادلة بين الأزواج.

   والله إن القلوب لتحزن وهي تقرأ هذه الأخبار، فرمضان شهر الصبر والرحمة والتقوى وليس شهر الغضب والعصبية بالرغم مما تروجه بعض وسائل الإعلام من مسلسلات عن ارتباط رمضان بحالات الغضب والمشاكل وضيق الأخلاق والسرعة والحوادث خاصة قبيل الإفطار.

   وحقيقة الصوم أنه شهر الصبر، فقد وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم: “شهرُ الصبرِ، وثلاثةُ أيامٍ من كلِّ شهرٍ، صومُ الدهرِ” رواه أبو هريرة.

   قال ابن رجب رحمه الله: “ومن أفضل أنواع الصبر: الصيام، فإنه يجمع الصبر على الأنواع الثلاثة؛ لأنه صبر على طاعة الله -عز وجل-، وصبر عن معاصي الله -عز وجل-؛ لأن العبد يترك شهواته لله -عز وجل- ونفسه قد تُنازعه إليها”.

   فربط الصيام بضيق الأخلاق والمشاكل وقلة الصبر هو خروج عن حقيقة رمضان ومقصد الشرع منه وهو تحصيل التقوى.

   ثانيا: أما مسالة العزائم والدعوات للطعام، فرمضان شهر الطاعات، ومنها صلة الرحم والكرم والجود، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في رمضان ولكن ليس معنى هذا الأمر هو جعله شهر الطعام والعزائم والنفقات والسهرات والكسل والنوم طوال النهار، ولعل البعض يستدين لأجل إفطار لبعض أقاربه كما جرّت العادات أو دعوة لصلة الرحم وإن كانت مندوبة لكنها ليست شرطا بطعام خاصة لمن لا يملك ولا يستطيع وليست شرطاً في صحة الصيام.

   وتحميل النفس فوق طاقتها أمر مذموم شرعاً وليس محل مدح فقد تكون بالزيارة والتفقد والاطمئنان على الأرحام، وكيف لنا أن نجعله شهر الطعام في ظل ما نراه في أرض الإسلام من تجويع مقصود وفقر وضنك شديد ونحن نرى تعمد المجاعة في غزة وبعض ديار الإسلام في الوقت الذي تقدم فيه أنظمة العار في بلاد المسلمين أكثر من تريليون دولار لأجل زيارة كلب مستعمر وتقديم الثروات له ولشركات أمريكا بثمن بخس.

   ورحم الله عمر بن عبد العزيز الذي قال أنثروا القمحَ على رؤوسِ الجبال لكيلا يقال: جاعَ طيرٌ في بلاد المسلمين فكيف بنا اليوم وقد جاع المسلمون -وليس طيراً ولا بهيمة- بل بعضهم مات جوعاً وبعضهم جمع الطعام من أماكن القاذورات ولا حول ولا قوة إلا بالله.

   ثالثا: أما مسالة الضغوط الاقتصادية فهذا الأمر يعود إلى سياسية التجويع المقصودة من الأنظمة في بلاد المسلمين حتى صار الرجل يبحث عن لقمة العيش ولا يجدها. فموضوع الغلاء وخاصة في رمضان وسياسية الضرائب والربا وتدني مستوى العيش والرواتب وإفساد الذوق والأخلاق والعلاقات الزوجية في الإعلام وبث الفتنة والمشاكل والتضييق على الناس، كل هذه الأمور تعمل بها الدولة متعمدة قهر الناس وإذلالهم حتى ضاق الحال على الناس فأصبح لا يجد لقمة العيش وانتشر الجوع وعمت البطالة وكثر الفقراء، لذا كانت الدولة هي المسؤولة عما وصلت إليه الأمة. وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم على من شق على أمته، فقال صلى الله عليه وسلم: اللهم، من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم، فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم، فارفق به.

   لذا كانت صناعة الجوع والفقر من أقذر الأساليب المتبعة في بلادنا من أجل اخضاع الشعوب وحرفها عن التفكير بالتغيير.

   ونختم بقوله تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى)، فضنك العيش وما نراه من مصائب في بلادنا ومنها كثرة حالات الطلاق تعود في أصلها إلى غياب شرع الله عن الحكم والعلاقات وتغييب الإسلام عن الدولة وتطبيق الأنظمة الرأسمالية والمفاهيم الغربية وقلة الوعي وسياسية التجهيل في الإسلام وأحكامه ومقاصده.

فهل يدرك المسلمون أن الأصل فيهم هو العمل لإقامة حكم الله وتطبيق الإسلام كاملاً في كل العلاقات لتعود لمفاهيم الإسلام أن تسيّر السلوك الإنساني ولا ينطلق المسلم من ردة الفعل والغضب بل ليكون سلوكه منبثقا عن مفاهيم الإسلام وأحكامه.

 

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية الأردن

الأستاذ نادر محمد