لماذا هذا الحشد العســكري الكبير وخاصةً أن كـيان يـهود ظاهرياً استعاد قوة الردع التي فقدها في السابع من أكتوبر؟!
من الثابت للعيان أن مشروع الغرب في الشرق الأوسط قد أصيب ببداية مقتل في السابع من أكتوبر، وأن هذا المشروع المسمى كيـ ان يـهود قد بان هشاشته وزيف الدعاية التي صاحبت وجوده طوال ٧٦ عاماً، فقد بان ضعفه وخواره وأكذوبة ما وُصِفَ به (القوى الأضخم في الشرق الأوسط، بل في آسيا، والذراع الطويلة والقوة الضاربة والمتقدمة علمياً وتكنولوجياً واستخباراتياً وزراعياً وصناعياً والأرقى ديمقراطياً بين نظيراتها في المنطقة العربية إن لم يكن في الإسلامية).
كل هذه الهالة انتهت وتبخرت في الهواء، وزاد الطين بلة أن سقوطه المدوي والسريع اهتزت بسقوطه كل منظومة -سايكس بيكو- الإسورة الذهبية التي تحيط به إحاطة السوار بالمعصم. إن ارتدادات السابع من أكتوبر تجاوزت الكيـان إلى المحيط الإقليمي الذي بدأ يترنح نتيجة التعاطف القوي من شعوب المنطقة والتي بدأت الفجوة تتسع بينها وبين هذه الأنظمة، مما استدعى أمريكا أن ترسل مندوبيها لطمأنتهم وعدم تخوفهم بل ودفعهم ليقوموا بواجباتهم تجاه هذا الكيـان المسخ وعلناً وليس سراً، مع إعطاء هذا الكيـان التفويض الكامل بأن يفعل ما يشاء في غزة قتلاً وتدميراً واعتقالاً وتخريباً تم نقله للعالم من المحيط للمحيط بالصوت والصورة، مما جعل هذا الارتداد للحدث يخرج إلى كل بقاع الدنيا من مشرقها إلى مغربها فلم يعد هناك في الكرة الأرضية من بيت ولا حي ولا مدينة ولا دولة إلا ورأت هذا الإجرام اليـهودي وهذه السـادية التي تقع، مما أفقد صواب البشر ولو كانوا حجراً لانفطرت قلوبهم من هول ما يفعله اليـ هود، فكانت الطامة الكبرى انفصال الجماهير عن أنظمتها وخروجها في اعتصـامات ومظـاهرات لم يعرف التاريخ لها مثيل مما أجبر أعرق الجامعات في الغرب إلغاء آلاف العقود المبرمة مع كيـ ان يـ هود بل وأغلقت آلاف الشركات المتعاقدة مع كيـ ان يـ هود، واستبدلت الكثير ولا زال الحبل على الجرار ومنها الإدارة الأمريكية التي واكبت حدث السابع من أكتوبر، ولا زال هذا الزلزال يفعل أفاعيله دون توقف.
إن إعلان بايدن بأن كيـان يـهود قد استعاد قوة الردع هراء لا حقيقة له، بل الزلزال لا زال يضرب الكيـ ان من الداخل ضرباً عنيفاً. ولكن ظاهر الأمر أن كيـ ان يـهود أصبح يحسب له حساب بعدما وجه ضربات قاتـله ومميته لحـزب إيـران بل وهاجم إيـران حيث ضرب أكثر من عشرين موقعاً عـسكرياً وها هو يصول ويجول في سماء لبنان وسوريا ويضرب في اليمن، فما الحاجة لهذا الحشد العـسكري الضخم والأضخم منذ الحـرب العالمية الثانية. ومع إعلان رئيس أمريكا المنتهية ولايته بأن كـيان يـهود استعاد قوة الردع، فالحقيقة غير ذلك فغزة لا زالت توجع هذا الكـيان قتلاً وتدميراً لآلياته المتوغلة فيها وهو ما يعني أن المـقاومة لا زالت متماسكة ولا زالت قادرة على استنزاف هذا الكـ يان واستنزاف الأنظمة العربية من ورائه بل واستنزاف أمريكا والأنظمة الغربية.ثم إن كـيان تضررت عجلة الانتاج لديه كثيرا وخرجت منه عشرات إن لم يكن مئات المليارات التي ذهبت تبحث عن ملاذات آمنه فقد وجدت أن البيئة في الكيان لا تصلح مع تصدع النظام وافتقاره لإيجاد حلاً لأبسط المشكلات وهي قضية غزة.
إن توافد الحشود العسكرية وبهذا الحجم يدلل على أن الولايات المتحدة الأمريكية لديها رؤية واضحة لمآلات الحدث ومن مآلاته إسقاط بايدن وحزبه وإيصال ترامب وحزبه، إن الدولة العميقة ترى ما لا يراه غيرها بأن السفينة تغرق، وأن المشروع يفشل، وهو على وشك السقوط أمام إمهاله عاما كاملاً لكي يخرج نفسه من هذه الورطة التي وقع فيها ودون جدوى، وأمام فتح المخازن يغرف منها ما يشاء من أسلـحة وذخـائر لم تعط لحلف شمال الأطلسي، ونتائج تكبد الشركات التجارية العالمية ووسائط نقلها خسائر لا حدود لها، وأمام بوادر سقوط أنظمة عربية لن تتحمل المزيد من استمرار حالة الحـ رب ما ينذر بدخول المنطقة في فوضى ليس بمقدور أمريكا وأوروبا أن تعيد تشكيلها أو ترميمها أو إعادتها إلى سابق عهدها، فالإدارة الأمريكية رمت بثقلها في المنطقة كي تدير المشهد بنفسها وهذا ما يدلل على تهاوي مشروعها ورديفاته كـيان يـهود، والأنظمة العربية.
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية الأردن
الأستاذ سالم أبو سبيتان