حزب التحرير ولاية الأردن

خبر وتعليق: الكاميرات في عمان: غطاء على الفساد وقرار أمني

خبر وتعليق

الكاميرات في عمان: غطاء على الفساد وقرار أمني

 

الخبر:

“لسبب غامض لكن طبعا يمكن استنتاجه، لا يصدق المواطن الأردني أن الهدف من تركيب أكثر من 5500 كاميرا في شوارع العاصمة عمان هو حصرا الحفاظ على سلامة الطرق وحماية المواطنين وأملاكهم.

الإعلان لسبب أكثر غموضا يوحي بغياب الجملة التنسيقية على مستوى الخطاب الإعلامي، لأن قرار الكاميرات تزامن مع الإجابة على سؤال برلماني يتعلق بحجم مديونية بلدية العاصمة التي تبلغ الآن مليارا من الدنانير. بسام البدارين

التعليق:

أولاً: غريب جداً ما ورد في الخبر من بُلُوغ أمانة عمان مديونية تبلغ المليار دينار، فضلاً عن مديونية البلديات الأخرى، والشعب في الأردن لا يرى أي مشروعات ذات بال من شأنها أن تستنزف إيرادات الأمانة والبلديات، فضلاً عن أن تستدين بِقروض ربوية. والأَنْكَى من ذلك كله أن تعجز هذه المؤسسات عن سداد حتى فوائد الربا المحرَّمة لا أصلَ الدين.

غريب جداً هذه المديونية، ونحن نعلم أن بعض المشاريع في العاصمة ومناطق أخرى في الأردن هي مساعدات وتبرعات من دول، وليست على نفقة هذه المؤسسات. ثم نسمع عن حجم مديونية فلكي وخطير، في الوقت الذي أذعنت فيه الحكومة لقرارات صندوق النقد الدولي بتقليل الموظفين وعدم التوظيف مجدداً، وإحالة بعض كبار الموظفين على التقاعد، والتي كانت حجة الدولة في استنزاف إيرادات الأمانة والبلديات. واليوم، لا توظيف ولا مشاريع، فضلاً عن إيرادات تزداد، ومخالفات لأتفه الأسباب، ومطالبات وغرامات أثقلت كاهل الناس بشكل جنوني. وهنا سؤال يُوجَّه خاصة للنواب -أو الديكور-: أين تُصرَف إيرادات هذه المؤسسات؟ ومن أين جاءت هذه المديونية الفلكية؟ والأردن يتصدر الدول في حجم الفساد والسرقات.

يقول الكاتب ماهر أبو طير في مقال له: “والنهب، الاعترافُ بالفساد في الأردن، بات رسمياً، وليس أَدَلَّ على ذلك من الملفات التي يتم كشفها كل فترة، والتي تكشف وجود سرقات وشبكات تنهب المال العام، في ظل فقر عام ينهش الأردن.” والأمر الذي لا يستطيع ذِكْرَه الكُتاب والصحفيون أن أشخاص الفساد والنهب والسرقات ليسوا فقط الموظفين، بل الأمر أكبر من ذلك وأخطر، ولا أحد يستطيع فَتْحَ أو الحديث عن تلك الملفات؛ لأنها تتعلق -كما يُقال في الأردن- بالخطوط الحمراء.

ثانياً: تدَّعي الدولة “بأن السلطات والمؤسسات معنية بسلامة الطرق وبتقليل عدد مخالفات السير، خصوصاً وأن الأردن يتصدر في حوادث السير وخسائرها البشرية والاقتصادية.”

إن سبب تركيب هذه الكاميرات ليس فقط التغطية على المديونية والفساد والسرقات والنهب، فمهما بلغ ثمنها تستطيع الأمانة تغطيتها ببند من بنود الإيرادات بل ويزيد منه، وليست الكاميرات لتحسين الطرق، وكلنا يعلم ويدرك حجم وفساد وتهالك البنية التحتية، وخاصة في الشتاء وسوء تصريف مياه الأمطار، فلم تُقْدِم هذه المؤسسات على تحسين البنية التحتية برغم كل الحديث من الناس عنها لكن لا جدوى.

إن قرار تركيب هذه الكاميرات هو قرار أمني، وليست المسألة كما ذكروها. وقد ورد في مقال البدارين: “الكاميرات ومعها الطائرات المُسَيَّرة لا تتعلق فقط بالغرامات والجباية والسيطرة على الطرق، بقدر ما تساعد في ردع الجرائم واكتشافها، بمعنى السيطرة الأمنية…”

والأمر لا يتعلق فقط ببعض المخالفات أو المشاكل، بل يتعلق بمراقبة حركة الناس في ظل السخط الكبير تجاه الأوضاع السياسية والاقتصادية. بل أدى القرار الأمني لفرض تركيب كاميرات في بيوت الله لمراقبة كلمات وأحاديث المساجد والجُمَع وتدريس الفقه والقرآن، فلم تعد الدولة بحاجة إلى مخبرين في المساجد طالما يمكن فَتْحُ تلك الكاميرات لمعرفة كل حركة في بيوت الله، خاصة بعد توسيع مفهوم الإرهاب خدمة لمصالح الغرب المُجرم.

الخاتمة: إن هذا النظام هو نظام وظيفي قد وُجِد لوظيفة معينة، فجميع النفقات والإيرادات يجب أن تكون في مصلحة تحقيق هذه الوظيفة، وهو الحفاظ على أمن يهود، وليس من شأنه ولا دوره تحقيق أي خدمة للناس، إلا في الحد الأدنى تحت ضغط متطلبات البقاء فقط. وما الحديث عن الباص السريع الذي استغرق تنفيذه عشرات السنين ولا زال يَئِنُّ من بعض المشاكل.

إن هذه الدولة ليست مَعنِيَّة بخدمة الناس، فإلى متى لا تقوم الأمة بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ وأين هي من حديث رسول الله ﷺ: «والذي نفسي بيده لتأمرُنَّ بالمعروف ولتنهوُنَّ عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابًا منه، ثم تدعونه فلا يُستجاب لكم»؟

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية الأردن

أ.عطية سعد الدين