نظرة في كتاب الله (القران الكريم) يا أهل الشام
عبد الحكيم عبد الله
بسم الله الرحمن الرحيم
مقال
نظرة في كتاب الله (القران الكريم) يا أهل الشام
قال الله تعالى: (قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا ۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ). (الأعراف)
لقد منّ الله تعالى على المسلمين وبخاصة أهل الشام بهلاك طاغية مجرم بعد عقود من الزمن مارس فيها أبشع صور القـ تل وأعنف صور التعذيب والدمار وهتك الأعراض وإراقة الدمـاء، فمـذبحة حماة على يد والده المجرم التي لم يعرف التاريخ المعاصر مذبحة مثلها حيث اغتصـ بت العجائز في بيوت الله ودكت المدينة بالطيران والمدفــعية.
فالحمد كل الحمد لله تعالى جلت قدرته وعمت نعمه الذي فضح وأذل وأسقط وأهلك هذه العائلة المجرمة، فلقد ذهلت البشرية من الفيديوهات التي نشرت بعد سقوط الطاغية، والكل رأى وسمع ما حدث بالشام وليس مجال مقالي هنا ذكر الواقع فالكل عاينه وأدركه.
والحديث هنا عن كل طاغية في بلاد المسلمين فقد سبقه آخرون ولا زال الكثير منهم على طريقه ومذهبه في التعامل مع كل صوت ينادي بالتغيير، بل حتى للقمة عيش مع شربة ماء.
لقد حدثنا القران الكريم عن أعتى مجرمي الكرة الأرضية فيما نعلم والذي بلغ به الأمر أن ادعى الألوهية، قال تعالى: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي) فرعون وما أدراكم ما فرعون عليه من الله ما يستحق وكل من سار على طريقته.
لقد وردت قصة فرعون في سبع وعشرين سورة، فضلاً عن الإشارة إليها في ثنايا بعض السور الأخرى وعرضتها الآيات مفصلة وبعضها مقتضب، وبينت صوراً من طغيانه، وضلالاته وبغيه وكفره.
فرعون مثلٌ ورمز لكل طاغية في الظلم والتجبر والاستبداد والمعصية والاستخفاف بعقول الناس وإرادتهم ومصالحهم، وكلما أنس منهم السكوت على ظلمه، والخضوع لبغيه وعدوانه، ازداد صلفاً وتجبراً وتمرداً وادعاء الإرادة المطلقة في مصائر الناس من حوله ومعه فريق ووسط مجرم لا يقل إجراماً عنه، قال تعالى: ﴿وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ ۚ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ﴾، وقوة وجيشاً وجنوداً ينفذون أوامره وطغيانه، قال تعالى: (وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ).
فرعون مات بشخصه ولم يمت بوصفه فهو رمز لكل طاغية، فإذا كان بالأمس فرعون فاليوم الكثير من الفراعنة، لا بل كل ما عُرف عنه من طغيان وفساد فقد كان في تصرفه هذا أقل طغياناً من طواغيت كثيرة في القرن العشرين في مواجهة حركات التغيير وإقامة حكم الله في الأرض فيقف فرعون الأمس مذهولاً من فراعنة اليوم.
فيا أهل الشام وكل أمة الإسلام:
إن الإسلام قد فرض علينا أن نعيش وفق طراز معين وطريقة معينة وهي إقامة حكم الله في الأرض بنظام سياسي فريد معلوم غير مجهول طبقه المسلمون على مدار أربعة عشر قرنا من الزمن وهو الخـلافة حكم ربنا وطريقة نبينا صلى الله عليه وسلم ومبعث عزنا وقاهرة عدونا وفخرنا وتاريخنا والشمس لا تغطى بغربال ولا ينطفئ نورها.
لقد تمكن الكـافر المستــعمر من القضاء عليها بمعية خونة العرب والترك ومن وقتها وأمة الإسلام في ظلام دامس وليل بهيم وقهر وقتـ ل وانتهاك للحرمات والأعراض وتدنيس المقدسات واحتلال وذل وتفرقة كلنا يعلمه ويعيشه. وقد فرض الله علينا التغيير والعمل لاستئناف الحياة الإسلامية كما كانت في خير القرون وعزة الإسلام وأهله، وهذا التغيير مثله كمثل طائر لها جناحان لا يطير إلا بهما وإلا سقط في واد سحيق لتأكله سباع الأرض، وهذان الجناحان هما:
أولاً: إسقاط النظام السابق كلياً وليس رأسه فقط، فالنظام ليس هو مجرد شخص الحاكم، بل هو القاعدة التي تستند عليها الدولة من دستور وقوانين تنظم علاقة الحاكم بالمحكوم ونظام الحكم وشكله وتفصيلاته وعلاقات الناس فيما بينهم وعلاقة الدولة بغيرها، وهذا هو الأصل والمهم ثم أدوات التنفيذ من سلطات تنبثق عن تلك القاعدة. هذا هو النظام وليس مجرد شخص الحاكم فمعنى سقوط النظام هو سقوط تلك القاعدة من دستور وقوانين وأدوات حكم وليس مجرد رأس النظام.
ثانيا: إقامة نظام حضاري بديل وهو الإسلام كما طبقه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم دستوراً وأحكاماً ثم خـ ليفة يبايع على أساسه كما بايع الصحابة الكرام خيرة الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم (الخـلفاء الراشدون).
والإسلام كما تعلمون يشمل جميع أفعال الإنسان فهو نظام شامل كامل لكل أمور الحياة، قال تعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِين)، فهو يشمل نظام الحكم والنظام الاقتصادي والاجتماعي والحدود ونظام العقوبات والسياسية الداخلية والخارجية والجـهاد …..
فهل يكون الحل بتشريع دستور جديد من وضع البشر؟!
هل تكمن مشكلة الدستور القديم ببعض مواده أو بمن وضعه؟!
أليس الدستور الوضعي كـفر وأنتم يا ثـوار الشام وأهلها أعلنتم منذ البداية هي لله هي لله ورفعتم راية رسول الله صلى الله عليه وسلم ولواءه؟
هل وجدتم دستورا وأحكاما أفضل من الإسلام؟
ألستم تقرأون كلام الله (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)؟
فما معنى البحث عن دستور جديد ثم طرحه للاستفتاء؟!
وما معنى ذهاب الطلاب إلى الجامعات والمدارس على تلك المناهج لنظام بشار؟!
وما معنى بقاء قواعد الغرب وسفاراتهم؟
وما معنى التنسيق مع دول الكفر على رأسها أمريكا وأدواتها في المنطقة؟
أليست هذه الدول من وضعت العـلويين في الحكم؟ وهي من دعمت نظام بشار وحمته؟
ألم ترفعوا في جمعكم “أمريكا ألم يشبع حقدك من دمـائنا؟!”
وما معنى التواصل مع روسيا والترتيب معها وهي من جربت كل أنواع الأسلـحة عليكم؟
وتركيا وإيران وكل دول الجوار أدوات الغرب ضد ثـورتكم وغرف الموك والمال السياسي ودول الخليج.
قال تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِن بَعْدِهِمْ لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾، وقوله تعالى: ﴿قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا ۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ إن هذه الآيات حجة علينا جميعا، نعم الله ينظر إلى عملكم الآن فماذا أنتم مجيبون يوم لا ينفع مال ولا بنون؟
وإياكم أن تظنوا أن من سرتم خلفه وحاد عن الطريق سينفعكم، قال تعالى: (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ).
هذه نصيحة محب مذكراً إياكم بما كنتم عليه وما يجب أن تكونوا عليه ومحذراً لكم مما آلت إليه أموركم فاتقوا الله في ثـورتكم وفي تلك الدماء التي أريقت لله وتلك الأعراض التي اغتصبت وتذكروا يوماً ستقفون فيه أمام الله، ماذا أنتم مجيبون؟
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية الأردن
الأستاذ عبد الحكيم عبد الله