حزب التحرير ولاية الأردن

مقال: الأردن وقرار الكنيست ضم الضفة الغربية

الأردن وقرار الكنيست ضم الضفة الغربية

أيد الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي بالأغلبية اقتراحا يدعم “ضم” الضفة الغربية وقد أيد القرار 71 نائبا من أصل 120 صوتوا لصالح الاقتراح وعارضه 13. وقيل: “إنه اقتراحٌ تصريحيٌّ فقط وليس له أي قوة قانونية مُلزمة، ولكنه يحمل ثقلًا رمزيًا وتاريخيًا كبيرًا”.

أيد الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي بالأغلبية، الأربعاء، اقتراحا يدعم “ضم” الضفة الغربية المحتلة، وقالت القناة “12” العبرية الخاصة، إن 71 نائبا من أصل 120 صوتوا لصالح الاقتراح وعارضه 13.

وفي وقت سابق الأربعاء، قالت القناة “14” العبرية، إن “الاقتراح الذي بادر به أعضاء الكنيست سيمحا روتمان (الصهيونية الدينية) وليمور سون هار ميليش (القوة اليهودية) ودان إيلوز (الليكود)، هو اقتراحٌ تصريحيٌّ فقط وليس له أي قوة قانونية مُلزمة، ولكنه يحمل ثقلًا رمزيًا وتاريخيًا كبيرًا”. (الأناضول)

وللتذكير، في عام 2018، أقر الكنيست (الإسرائيلي) قانون القومية (الإسرائيلية)، أو ما عُرف بقانون الدولة القومية للشعب اليهودي، وهو فعليًا أعلن السيادة (الإسرائيلية) على كل الأراضي الفلسطينية عندما قال: “إن هذا الوطن الذي يمارس الشعب اليـ هودي حقه في تقرير المصير حصريًا، وألغى الحق الفلسطيني للفلسطينيين”.

وللعلم، فإن أرضية القناعة بضم الضفة موجودة أساساً لدى حزب الليكود الحاكم، فقد صوتت اللجنة المركزية للحزب في 31 كانون الأول/ ديسمبر 2017 لصالح قرار يطالب نواب الحزب في الكنيست بالدفع باتجاه ضم الضفة الغربية.

ثم إن التحالف الحاكم الذي نشأ في 29 كانون الأول/ ديسمبر 2022، ودخول الصهيونية الدينية بقوة فيه من خلال حزبي سموتريتش وبن غفير الذين يؤمنون بقوة بضم الضفة الغربية وكذلك تسريع وتيرة تهويد الأقصى ولا يؤمنون بسياسة حرق المراحل.

وكان حزب الصهيونية الدينية قد تبنى سنة 2022 “خطة الحسم” التي سبق لسموتريتش طرحها، واعتمدها في مؤتمره العام؛ وهي تسعى لحسم الصراع في فلسطين التاريخية وضم الضفة الغربية.

وذكر الرئيس الأمريكي ترامب عند سؤاله: هل يؤيد ضم الضفة الغربية؟ قال: “إن إسرائيل دولة صغيرة نسبيًا مقارنة بمساحة الشرق الأوسط”، و ترامب هو من نقل السفارة للقدس واعترف بضم الجولان، بل وعين مارك روبيو وزيرا للخارجية وهو ذو ميول صهيونية متشددة، وكذلك عيَّن ترامب “مايك هاكابي سفيرا جديدا للولايات المتحدة في “إسرائيل”، وهو قس معمداني، ومن قادة المسيحية الإنجيلية التي تؤمن بالحق الديني لليـهود في فلسطين؛ ويرى أن “إسرائيل” لديها “سند ملكية” في الضفة الغربية، ويرفض تسمية المستعمرات اليـ هودية في الضفة “مستوطنات” ويسميها أحياء.

فالحديث اذاً ليس حول قرار الكنيست وأنه مجرد اقتراح غير ملزم للحكومة بل هو ما يعمل له كـيان يـهود قطعاً، وإدارة ترامب لا تمانع هذا الأمر بلا شك، وأيضاً الحديث حول ضم الضفة معروف قديماً بخطة إيغال آلون “والتي كانت في يوليو/ تموز 1967 أول هذه المقترحات، وهو: “تقسيم الضفة الغربية بما يؤدي إلى ضم معظم غور الأردن وشرق القدس ومستوطنة “غوش عتصيون” إلى (إسـ رائيل)، مع إنشاء حكم ذاتي للفلسطينيين في الأجزاء المتبقية من الضفة وقـطاع غـزة”.

ويهدف المشروع إلى:

– ترسيم حدود أمنية (لإسرائيل) مع الأردن.

– الحفاظ على يـهودية (إسرائيل) دون وجود أي عربي فيها.

– تحقيق السيطرة (الإسرائيلية) الكاملة على فلسطين بزعم أنها “حق تاريخي لليهود”.

وحدد المشروع منطقة “غور الأردن” من نهر الأردن وحتى المنحدرات الشرقية لجبال نابلس وجنين شمال الضفة للخضوع إلى السيطرة (الإسرائيلية) الكاملة، إضافة إلى مدينة القدس المحتلة وضواحيها ومنطقة الخليل.

واقترح آلون إعادة ما تبقى من أراضي الضفة الغربية إلى الأردن، مع فصل تام بينها، وبناء معبر بين هذه الأراضي وبين الأردن بواسطة ممر أرضي ضيق يمتد لمدينة أريحا، فضلا عن ضم قطاع غزة بالكامل وتهجير سكانه.

والبحث ليس في موقف يـهود أو الولايات المتحدة، بل، ما هو موقف الأردن حقيقةً من الضم؟ وهل هو فعلا يعارضه كما يصرح النظام الرسمي؟ كما ذكرت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، في بيان لها؛ إن بلادها تدين “بأشدّ العبارات تصويت الكنيست (الإسرائيلي) على بيان لدعم السيادة (الإسرائيلي ة) على الضفة الغربية والأغوار الفلسطينية المحتلة”.

أم أن موقف النظام منسجم مع عملية الضم -إن كان له رأي – ويؤيده، بل وشريك لكـيان يـهود في الضم لكنه يخشى الإقرار بموقفه الحقيقي لمخاوف داخلية؟!

إن حقيقة موقف النظام في الأردن قد كشفه حزب التحرير في بيان وزعه سنة 1967 حول دور النظام بتسليم الضفة الغربية لكـيان يـهود، وقام كذلك بإرسال الوفود إلى الحكومة، وخاطب المجتمع الأردني قاطبة كاشفاً له حقيقة المؤامرة، وخطة تسليم الضفة الغربية، وبين الحزب في بيانه كيفية تسليم الضفة الغربية من خلال القيام بحـ رب مصطنعة يتم فيها هزيمة الجيش الأردني واحتلال الضفة الغربية، وإلقاء اللوم على العرب، وهذا ما حدث فعلاً بحـ رب التسليم لا التحرير، ولازال النظام وأبواقه يلقون اللوم على العرب في هزيمة 67.

والنظام في الأردن إنما وجد لدور وظيفي هو حماية كـيان يـهود بعد نشأته وهذا الدور حقيقته واضحة كالشمس لا تغطى بغربال، ولها من الأدلة الكثيرة ليس آخرها حماية يـهود في الحـ رب مع إيران، ولم تعد خافية على أحد بل حتى النظام أصبح بأفعاله يؤكد هذه الحقيقة، ولما اقتربت سياسة الحسم عند يـهود وظهرت بوادر الضم للضفة الغربية أصبح النظام كالمسعور في تعامله مع أهل الأردن من خلال الاعتقالات والضرب والعنف والاتهامات والمحاكمات لكل صوت حر شريف، وهذا مدرك لكل المتابعين لأن المرحلة خطيرة جداً تقتضي بإسكات كل صوت، وضرب كل حركة أو تحرك في الشارع.

ولمحاولة تحضير الرأي العام للمرحلة بدأ بعض الإعلاميين الحديث عن التهجير الناعم والقسري وحملة الأرقام الوطنية من أهل الضفة والمرأة الأردنية المتزوجة من فلسطيني وعودة هؤلاء إلى الأردن ضمن مفهوم الهجرة الناعمة، وهي “خطة حسم الصراع على ضمّ الضفة الغربية بالكامل، والقبول بالسكان الفلسطينيين (الذين يراهم سموتريتش عربًا فقط بلا هوية فلسطينية) مواطنين من الدرجة الثانية، لهم حقوق لا تتضمن التصويت في الكنيست، بما يضمن أغلبية يـ هودية في صناعة القرار، وفي إطار تسوية نهائية يمكن لسكان الضفة الغربية التصويت في البرلمان الأردني، وهو ما يعود مرّة أخرى بفكرة الترحيل السياسي، أي سكان أردنيون يعيشون في أراضي دولة أخرى هي (إسرائيل)،”

إن الأمر خطير، فالقضية ليست قضية الفلسطينيين بل قضية الأمة الإسلامية، فهي تتعلق بالأرض والمقدسات وتثبيت كـيان يـهود المجرم وتطبيع كافة دول العالم الإسلامي معه، وقد دأب النظام في الأردن على أردنة أهل الأردن في أفكارهم ومشاعرهم ولو طال الأمر عقيدتهم ومقدساتهم، فالأردن أولا ولا علاقة لكم بما يحدث في الضفة الغربية والقدس، وهذا دليل آخر على تصفية القضية، وهي في حقيقتها ليست قضية فلسطينية، بل قضية من قضايا المسلمين الكبرى، وهي قضية مصيرية كذلك ولو نتجت عن القضية المصيرية الأولى ألا وهي ضياع الخـلافة والتي بضياعها ضاعت كل قضايا الإسلام، وليست فلسطين وحدها، والأصل أن يتخذ مع القضايا المصيرية موقف مصيري (الحياة أو الموت) فلا يصلح أمام هذه الخيانة إلا تحريك الجيوش، وإلا فإن التأخير في التحرك سيقابله خيانات كبيرة، وضياع للأرض والمقدسات أكبر، خاصة وأن المشروع يطال أرض شرق الأردن وقد نطقوا بهذا ولم يعد سراً، فيما لم يحرك النظام شيئا أمام تصريحات وزراء نتنياهو حول أطماعهم في شرق الأردن، فأين الجـيش والعـشائر وأحرار الإسلام؟ وماذا أنتم فاعلون؟

 

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية الأردن

أ‌. عطية سعد الدين