حزب التحرير ولاية الأردن

مقال: الهجرة النبوية ليست قصة ولا تسلية بل ولادة دولة أضاءت الأرض بنور الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم

مقال: الهجرة النبوية ليست قصة ولا تسلية بل ولادة دولة أضاءت الأرض بنور الإسلام

 

لماذا كانت الهجرة النبوية؟ وما مكانتها وأهميتها؟

إن الإسلام العظيم لم ينزله الله تعالى ليكون دين فرد أو مجموعة، ولم تتكامل شريعته لفئة ومكان وزمان بل نزل مبدأ شاملاً (عقيدة ونظام شامل لأفعال البشر جميعا)، ولم ينزله تعالى ليكون حبيس الفكر والكتب والدراسات أو العيش في الكهوف والمغارات، ولا ليهرب حملته من المجتمع والعيش في ظلال فكره في الجبال مع الرهبان، إنما أنزله تعالى ديناً منه الدولة (فكراً وتطبيقاً).

لذا كانت الدولة جزء من جوهر الإسلام بل هي الطريقة الوحيدة لتطبيق المبدأ في الداخل بإقامة أحكام الله وحمله إلى الخارج بالدعوة والجـهاد، ولأجل هذا الفهم الدقيق عند الصحابة جعلهم ينظرون إلى الهجرة النبوية أنها حدث مميز لأنها حدث يتعلق بوجود الإسلام مبدأ (عقيدة وتطبيقاً وممارسةً ودعوة إلى الأمم والشعوب.

فالهجرة ليست هروباً حاشا وكلا، وليست عنكبوتاً ولا حمامة، ولا قصة تروى وتحملها الأجيال وتتحدث عنها الكتب وتسير بها الركبان، ولا هي مجرد ذكرى للاحتفال بها، وهي ليست كذلك انتقال شخصي، بل الهجرة من أجل إقامة الكيان السياسي الذي يمثل حقيقة بعثة الرسول ﷺ ونزول الرسالة، وقد أدركها المثنى بن حارثة بقوله -عندما كان يعرض رسول الله ﷺ دعوته على القبائل طالباً النصرة- (أرى أن هذا الأمر الذي تدعونا إليه أنت، هو مما تكرهه الملوك، فإن أحببت أن نؤويك وننصرك، مما يلي مياه العرب فعلنا. فقال رسول الله ﷺ: ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق، وإن دين الله لن ينـ صره إلا من حاطه من جميع جوانبه)، وأدركتها قبيلة بني عامر عندما عرض رسول الله ﷺ دعوته عليها قائلةً: أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك، ثم أظهرك الله على من خالفك، أيكون لنا الأمر من بعدك؟

لقد أدرك الكـفار حقيقة البعثة والرسالة وأنها لإقامة كيان سياسي للمسلمين، في الوقت الذي يحتفل فيه المسلمون الآن بذكرى الهجرة كحدث تاريخي وقصة تروى بعيداً عن حقيقتها وجوهرها.

وقد عملت الأنـظمة في بلاد المسلمين على طمس حقيقتها من خلال احتفال يقام هنا وهناك وكلمات تقال على المنابر لقصة جميلة تروى، مع أن الهجرة هي مولد دولة وانبعاث أمة، ودخول الإسلام المعترك الدولي.

فأين المسلمون اليوم من دولة الإسلام؟ وأين ذكرى الهجرة من حقيقتها؟

إن الهجرة تستحق منا ونحن نعيش ظلالها أن نتذكر حقيقتها وغايتها، فنعمل من أجل المحور الذي كانت من أجله الهجرة وهو إقامة كيان سياسي للمسلمين أي دولة تحكمهم وترعاهم بالإسلام، كما عمل لها رسول الله ﷺ وصحابته الكرام، خاصة أننا نعيش اليوم في ظلمة ما بعدها من ظلمة بعد القضاء عليها من خونة العرب والترك. فبغيابها نرى اليوم غـزة تباد وتجوع وتموت ولا تجد لقمة عيش ولا شربة ماء، ونرى مقدسات الإسلام تدنس وتهان، ونرى أعراض المسلمين تنتهك، ونرى الحـ روب على الإسلام والمسلمين تحت مسميات التطـرف والإرهـاب، ونرى تدمير لمقدرات الأمة وحـروب ضدها في كل شأن من شؤونها.

وختاماً، فلتكن ذكرى الهجرة دافعاً لنا للعمل بأقصى طاقة، وأن نغذ الخُطا لإعادتها خلافة راشدة على منهاج النبوة، فهي فرض ربكم ومبعث عزكم وطوق نجاتكم، ولنعود كما كنا أمة عزيزة تغزو ولا تُغزى، دولة واحدة تتربع على عرش الموقف الدولي بلا منازع، تحمل الإسلام رسالة نور ورحمة للعالمين.

 

﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ﴾.

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية الأردن
الأستاذ حسن حمدان