حزب التحرير ولاية الأردن

في ذكرى غزوة بدر، هل من أنصار ليعيدوا سيرتها؟

بسم الله الرحمن الرحيم 

   غزوة بدر أول معركة في الإسلام بين الحق والباطل؛ لذلك سميت يوم الفرقان، وكانت في شهر رمضان المبارك، ووقعت في 17 رمضان السنة الثانية من الهجرة، وكانت البداية حينما خرج المسلمون للقاء قافلة أبي سفيان ولم يكونوا خارجين للقتال، ولكن الله أراد لهم النصر والعزة للإسلام واستئصال شوكة الكفر.

   و منذ اقام الرسول ﷺ دولة الإسلام في المدينة اتبع سياسة تثبيت أركان الدولة بإرساء دستور للمدينة ومن حولها تحت حكم الإسلام وإرسال السرايا حول المدينة لفرض واقع مهيب للدولة الناشئة، و منها إرسال سرايا وظيفتها إضعاف القوة الاقتصادية لقريش بالإغارة على القوافل التجارية المتجهة للشام، وكان الرسول ﷺ يعتمد على سياسة بث العيون لنقل الأخبار بحركة القوافل التجارية وقد نقلت له العيون بأن قافلة لقريش عائدة من الشام محملة بثروات هائلة تقدر بألف بعير، فندب الرسول ﷺ الناس للخروج لأخذ هذه القافلة فتكون ضربة قاصمة لقريش، ولم يعزم على أحد فاجتمع عنده ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً معظمهم من الأنصار. ولكن الأمر قد تطوّر إلى مواجهة وحـرب مع قريش حين خرج من مكة جـيش مكون من ألف وثلاثمائة مقاتل لنجدة القافلة، فعقد الرسول ﷺ مجلساً استشارياً مع أصحابه، فقام أبو بكر وعمر والمقداد فتكلموا وأحسنوا، فأعاد الرسول ﷺ الأمر، وقال: «أشيروا عليّ أيها الناس»، يريد بذلك الأنصار الذين بايعوه في العقبة على نصرته في ديارهم. فقال سعد بن معاذ: (قد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أنّ ما جئت به هو الحقّ، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة؛ فامض يا رسول الله لما أردت، فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدواً غداً، وإنا لصُبر في الحـ رب صدق في اللقاء، ولعلّ الله يريك منا ما تقرّ به عينك، فسر بنا على بركة الله). فسُرّ رسول الله ﷺ بما قاله المهاجرين والأنصار، وقال: «سيروا وأبشروا؛ فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم». قال تعالى: (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ).

   هذه أحداث غزوة بدر الكبرى باختصار، والمراد بذكرها هنا فعل صحابة المصطفى ﷺ وخاصة الأنصار الذين نصروا دعوة الإسلام، واقام بهم رسول الله ﷺ دولة الإسلام الأولى التي جـيشت المسلمين لردع عدوان الكفار عليهم، ونصرة المظلومين وإقامة الدين كي يكون ظاهرا عزيزا في الدنيا.

   في ظلال هذه الذكرى العطرة يتفطر القلب على حال المسلمين اليوم، فبلاد المسلمين مستباحة لدول الكفر ابتداءً بفلسطين المحتلة، والتي تعاني من تجبر كـيان يـهود على أهلها واستمرار قصفه وقتله لأهلها، سواءً في غزة هاشم بعد 15 شهرا من الحـرب المستمرة وكذلك في الضفة المحتلة، بل وتجبره على أهل لبنان واحتلاله الجولان ووصول قواته أطراف دمشق وتغول طيرانه فوق الشام كلها. وكذلك ما يحدث على أرض اليمن من قصف للأبرياء من قبل أمريكا وبريطانيا، وكشمير والعراق والسودان حالهم كحال غيرهم من بلاد المسلمين.

   إن القلب ليتفطر حزنا ويعتصر ألما على عدم تحرك أهل القوة والجيوش في بلاد المسلمين لنصرة دينهم، والذود عن أعراض المسلمين ومقدساتهم، ولكن أملنا بالله كبير فكما أيد رسولنا الكريم بأنصار نصروه وأقاموا معه دولة الإسلام؛ فنحن نعمل كما عمل ﷺ في إقامة دولة الإسلام الأولى بطلب النصرة من أهل القوة والمنعة ولن نكل أو نمل، لأن هذه طريقة الرسول ﷺ. ونذكر أهل القوة في بلاد المسلمين بأن الله أيد رسوله والمؤمنين بملائكة تنصرهم يوم الفرقان ووعد الله عباده بالنصر في الحياة الدنيا كما أنجز وعده لرسله من قبل قال تعالى: (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) فيا أهل القوة في بلادنا هلّا كنتم أنصار هذا الدين في هذا الزمان كما كان أنصار نبيكم الكريم، فتفوزوا فوزا عظيما في الدنيا والآخرة.

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية الأردن
باسم عبد الرحمن