حددت وزارة الاوقاف خطبة الجمعة الموحدة في الأردن ليوم الجمعة بتاريخ 16/ 03 / 2018 عن معركة الكرامة الدروس والعبر:

فمعركة الكرامة وقعت في 21 آذار 1968  بين  قوات كيان يهود والمسلمين في أرض الحشد والرباط لضرب القوى المرابطة خلف النهر، وقد عبرت قوات يهود  نهر الاردن من عدة محاور مع عمليات تجسير وتحت غطاء جوي كثيف، فتم التصدى لها  على طول جبهة القتال من أقصى شمال الأردن إلى جنوب البحر الميت ببسالة وشجاعة منقطعة النظير، وفي قرية الكرامة وقع قتال شرس ضد قوات يهود ، شارك فيها المرابطون من الجيش في الأردن وإخوانه الفدائيين لدحرقوات يهود ، مما اضطرهم إلى الانسحاب الكامل من أرض المعركة تكبد فيها الاعداء اليهود خسائر فادحة، بلغت أضعاف ما خسرته في ما يسمى بحرب الايام الستة، تاركين وراءهم ولأول مرة خسائرهم وقتلاهم دون أن يتمكنوا من سحبها معهم. وتمكن الجيش الأردني من الانتصار على قوات يهود وطردهم من أرض المعركة مخلفين ورائهم الآليات والقتلى.

وأما مسألة الدروس والعبر المستفادة من هذه المعركة فهي :

أولاً:

إن حب الأمة للجهاد في سبيل الله والشوق لقتال يهود، مفاهيم متعمقة راسخة في نفوس الأمة التي تقرأ في كتاب ربها عن صفات يهود وجرائمهم ومواقفهم من الأنبياء، حيث قال الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ )، وقال تعالى: ﴿ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾، هؤلاء هم يهود قتلة الانبياء الكفرة الفجرة ﴿ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ وهذه صفات يهود ملازمة لهم فقد  قالها رب العزة في كتابه العزيز ومن أصدق من الله حديثا، أما الجهاد في سبيل الله فقد أوجبه الله على المسلمين، فالدولة الاسلامية تقوم بنشر الاسلام بالدعوة والجهاد، والجهاد ماض إلى يوم القيامة لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل، قال الله تعالى ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ* الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ) فكيف إذا كان يهود وأعداء الامة قد إحتلوا واغتصبوا بلاد المسلمين ومازالو يمعنون في قتل أهلها وينكلون بهم؟

ثانياً:

التلاحم الاخوي بين أفراد الأمة بعيدا عن تقسيمات الاجرام سايس بيكو والوطنيات المقيتة والقوميات الملعونة، فقد تخندقوا بخندق الإيمان واشتركوا في حرب واحدة ضد عدو الأمة ومغتصب أرض الإسلام، فعادت اللحمة ووحدة الصف في القتال في سبيل الله، بعيداً عن القيادة السياسية التي أسقط بيدها فركبت موجة النصر في مسألة قتال يهود الذي خاضه المسلمون المرابطون عندما لاحت لهم فرصة قتال يهود وهم أمامهم لا يملكون الفرار وليس القتال فحسب، بعد أن دمرت جسور هروبهم عبر النهر، فالتلاحم الذي شهدته الكرامة هو تلاحم أبناء الامة في قتال يهود، الذين يتوقون للشهادة في سبيل الله.

ثالثاً:

الدرس الثالث هو خرافة الجيش الذي لا يُقهر".. خرافة يروجها كيان يهود والانظمة الحاكمة  والإعلام المأجور في بلادنا، التي ما برحت من الجعجعة والتضليل بعبارات من مثل شح الموارد، وقلة العتاد والتجهيزات، علاوة على تضخيم حجم قوة يهود زورا وبهتاناً، لخلق المبررات للصلح معهم وعدم قتالهم، فقد كشفت المعركة عن حجم الضعف والخوف والذل ليهود وكيف انهم وجدوا مقيدين بالسلاسل في الدبابات والناقلات خوفا من هروبهم من القتال، أي جيش مجهز بأقوى انواع الأجهزة والمعدات لكنه مهزوم أمام أمة عزيمة وعقيدة بإمكانيات بسيطة، فمعركة الكرامة هي المعركة الحقيقية الاولى التي خاضها يهود مع المسلمين منذ إقامة كيانهم بعون الغرب المستعمر وأعوانه من الانظمة العربية، فالمسألة ليست في الأسلحة والعدة والعتاد فحسب، وإنما أولا وأخيرا في العقيدة القتالية عند المحارب وشتان بين عقيدة الاسلام والجهاد وجنات عرضها السموات والارض وبين قوم أحرص الناس على حياة ولو كانت حقيرة ذليلة شتان بين من يطلب الشهادة ويقدم على الموت في سبيل الله وبين من قيّد بالسلاسل والحبال.

إن من المستنكر والتضليل الذي تمارسه وزارة الاوقاف والابواق الاعلامية وتبعية النظام، ان تدعو لاستذكار بطولات أبناء الامة الذين بذلوا المهج والارواح رخيصة في سبيل الله، في معركة الكرامة، وتستذكر كل هذه الدروس والعبر البالغة، من نصر مؤزر وهزيمة ليهود الجبناء، ولا تدعو وتذكر، بأن تحرير الاقصى والقدس، يحتاج لمعاودة وتكرار مثل هذه البطولات والمعارك المشرفة، بل وتذكر بالواجب الشرعي بأن إحتلال بلاد المسلمين، ليس أمامه من حل إلا الحل الشرعي، وهو واجب تحريك الجيوش، وأن الجيش الاردني الذي سطر نصر الكرامة لأهل لقتال يهود الجبناء، وإخراجهم من كل فلسطين المحتلة، وليس عقد الصلح واتفاقية وادي عربة اتفاقية العار والذل المحرمة شرعا،  فهذه الاتفاقيات مع كيان يهود باطلة شرعا ولا تصدر الا ممن اتخذ كتاب الله مهجوراً، وخذل الامة وأوردها موارد الهلاك والذل.

الدرس الابلغ المستفاد من معركة الكرامة، ليس الافتخار بهذا النصر فحسب، بل أنها معركة تاريخية، لاستشراف المستقبل بأن المسلمين في الاردن كما هو حالهم في بقية بلاد المسلمين، يتوقون للشهادة والقتال في سبيل الله، أعداء الامة من يهود وغرب مستعمر كافر، ويأخذون على يد الانظمة التي إتخذت ودا وعهدا مع يهود، ويتطلعون لمعارك " كرامة " تعيد للأمة عزتها وكرامتها وتعيد اللحمة لابنائها، وتستنقذ بلادها من أيدي يهود وأمريكا وروسيا وغيرهم، وتنصر إخوانهم الذين يسطرون أروع صمود في غوطة بلاد الشام، المستنجدين بالله وحده، وغيرها من بلاد المسلمين، بتحريك جيوش الكرامة القادمة بإذن الله، فهي قادرة على ذلك وهي أهل لذلك، والاهم أنها تتطلع لارضاء الله ونيل الشهادة في سبيله، بل انها تتطلع ليسجل تحرير المسجد الأقصى لها في صحائف من نور يبقي ذكرهم والدعاء لهم حتى تقوم الساعة، كما سطر لإخوانهم الذين سبقوهم في يوم الكرامة.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾

المكتب الاعلامي لحزب التحرير - ولاية الاردن