6 من ذي القعدة 1445    الموافق   Apr 25, 2024

بسم الله الرحمن الرحيم




همسات
فلسطين كلها أرض الإسلام وهي جزء من بلاد الشام في ظل الخلافة وليست مسجدا ووصاية

 

أعلن ترامب في 6-7/12/2017، الاعتراف بأن القدس عاصمة لدولة يهود: (اعترف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في خطاب من البيت الأبيض، الأربعاء، بالقدس عاصمة لـ"كيان يهود المغتصب لأرض الإسلام "، وأمر وزارة الخارجية بالتحضير لنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، وبدء التعاقد مع المهندسين المعماريين...
وأضاف ترامب: "وفيت بالوعد الذي قطعته بالاعتراف بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل")

والغريب العجيب أنه قبل الإعلان اتصل بأكثر حكام البلاد الإسلامية تشدقاً بالقدس والأقصى ادعاء وزعما وفلسطين منهم براء وأعلمهم بأنه سيعلن اعترافه في خطابه بعد ساعات... ومع كل هذا فقد صمتوا صمت أهل القبور، أو دون ذلك بكثير!
نعم، لقد وفّى ترامب الطاغية الأحمق، عدو الإسلام والمسلمين، وفّى بوعده ليهود، فالكفر ملة واحدة، وليس عجيباً أن يتناصر الكفار فيما بينهم، بل الغريب العجيب أن يواليهم الحكام في بلاد المسلمين دون أن يعبأوا بأنهم سيكونون منهم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).

لقد اعترفت أمريكا بدولة يهود في 1948م، ودعمتها بعد ذلك، فصمت الحكام، بل وصادقوا أمريكا! فهانوا وتسربلوا بالهوان...
وأكمل كيان يهود احتلال باقي فلسطين وباقي قدسها سنة 1967م، وكذلك دعمتهم أمريكا في هذا الاحتلال، وصمت الحكام، بل واتخذوا أمريكا الصديق الوفي وجعلوها واسطة الحل مع كيان يهود... فهانوا وتسربلوا بالهوان...
وكانوا يضللون ويخدعون ويخادعون بأن أمريكا ستضغط على دولة يهود لتعطيهم شيئاً يقيمون عليه دولة ولو منزوعة السلاح ويكون شرق القدس عاصمة لهم... فهانوا فيما يخادعون، وما يخدعون إلا أنفسهم وفاقدي البصر والبصيرة... فهانوا وتسربلوا بالهوان...
وها هي أمريكا بلسان ترامب تعلن اعترافها بأن القدس التي هي أرض الإسراء والمعراج، وقبلة المسلمين الأولى، وحاضنة ثالث المسجدين بشد الرحال، تعلنها بشرقها وغربها عاصمة لكيان يهود...

ويتصل ترامب بأولئك الحكام قبل الإعلان دون أن يقيم لهم وزنا ولا يحسب لجعجعتهم حساباً في أن القدس لها شأن عندهم، يتصل بهم يُعلمهم مسبقاً عن إعلانه، بل وزيادة في الإهانة والهوان يُعلن في خطاب اعترافه ذاك أنه سيرسل نائبه ليتبادل الابتسامات مع أولئك الحكام: (وأعلن ترامب أن نائبه مايك بينس سيصل إلى الشرق الأوسط خلال الأيام المقبلة...) ، وحقاً كما قيل:

مَنْ يَهُنْ يسهلِ الهوانُ عليه... ما لجرحٍ بمِّيتٍ إيلامُ.


أيها المسلمون :
إن قيام أمريكا عدوة الإسلام والمسلمين وزعيمة الكفر والطغيان في العالم، بالاعتراف رسميا بمدينة القدس المغتصبة عاصمة لكيان يهود، أمر غير مستغرب منها، فهي التي أخذت على عاتقها حماية ورعاية كيان يهود وأمدته بأسباب البقاء والاستمرار، وهي التي أعلنت حربها الصليبية على بلاد المسلمين ودمرت واحتلت كلاً من العراق وأفغانستان وقتلت وشردت ملايين المسلمين، ولا زالت تشن حربها على الإسلام والمسلمين تحت مسمى الحرب على (الإرهاب) وهي التي تلغ في دماء المسلمين في الشام.


لو أن أمريكا وجدت من بين حكام المسلمين رجلا واحدا فيه نخوة ومروءة الرجال وحرارة المؤمنين لما تجرأت أصلا على حماية ورعاية كيان يهود، ولما تمادت واعترفت بمدينة القدس عاصمة له، ولكنها وجدت حكاما حالهم الجبن والعمالة والغدر والخيانة، على صدورهم أوسمة الخزي والعار والصغار، وجدت حكاما متفانين في خدمتها إلى حد العبودية، ساروا معها في حربها على العراق وأفغانستان، وساروا معها في حربها على ثورة الشام المباركة ومكّنوها من ذبح أهل الشام، وساروا معها في حربها القذرة على الإسلام والمسلمين تحت مسمى الحرب على (الإرهاب) وفتحوا لها بلادهم لتقيم فيها مطاراتها وقواعدها العسكرية التي تنطلق منها للقيام بعملياتها العسكرية التي تدمر بها بلاد المسلمين وتقتل أبناءهم، وجدت حكاما سنّوا القوانين لحماية جنودها من المحاكمة على ما اقترفته أيديهم من جرائم حرب، وجدت حكاما مكّنوها من ثروات بلادهم وأعطوها أموال أمتهم، وجدت حكاما سخّروا جيوش بلادهم ليكونوا رأس حربة في جيوشها، وجدت حكاما حاصروا المجاهدين في فلسطين وضيّقوا الخناق عليهم إرضاء لأمريكا ويهود، وجدت حكاما أسوداً على شعوبهم نعامات أمام أعدائهم...


أيها الناس إن حكامكم كذابون غدارون عبيد لأمريكا وحراس ليهود، فلا تصدقوا عويلهم ولا استنكارهم ولا تنديدهم، فقد تراكم غدرهم فوق تخاذلهم فوق خيانتهم فتجرأ ترامب على فعل ما لم يفعله من سبقوه من رؤساء أمريكا.


أيها المسلمون:
هل يختلف عاقلان على كيفية إنقاذ فلسطين من براثن عصابات يهود؟
هل يختلف عاقلان على كيفية التعامل مع أمريكا وأمثالها من الدول الداعمة ليهود؟
أليس إنقاذ فلسطين هو بأن تتحرك الجيوش لقتال ذلك الكيان لقصم ظهره بأيديكم (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ)؟
أليس إنقاذ فلسطين يكون باتخاذ حالة الحرب الفعلية مع الدول الداعمة لكيان يهود؟
أليس هذا هو أمر الله العزيز الحكيم بإخراج الذين احتلوا أرض الإسلام وأخرجوا أهلها منها (وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ)؟
أليس هذا هو أمر الله تجاه الدول الداعمة ليهود الذين احتلوا أرض الإسلام وأخرجوا أهلها منها؟
(إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)؟
أليس هذا هو الحق الذي يدركه كل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد؟

 

أيها المسلمون، أيتها الجيوش في بلاد المسلمين:
إن سكوت الحكام على احتلال يهود لمعظم فلسطين 1948م، وعدم تحريك الجيوش لقتالهم وإعادة ما احتل من فلسطين هو جريمة كبرى... وسكوت الحكام على احتلال يهود لباقي فلسطين في 1967م وعدم تحريك الجيوش لإعادة كامل فلسطين من براثن يهود هو جريمة أشد وأكبر... وعدم اتخاذ حالة الحرب الفعلية مع الدول التي تدعم كيان يهود هي كذلك لا تقل إجراماً... وصداقة تلك الدول والولاء لها هي خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين.
لقد فضح ترامب الحكام، فنزع عنهم آخر ورقة توت تستر عوراتهم بسكوتهم على مقولته السوداء... فكيف يبقى لهؤلاء سلطان على بلاد المسلمين؟!

 

فلتتحرك الجيوش وتدوس تلك الرويبضات بالأقدام إن حالوا دون تحركها لقتال أعدائها المحتلين للأرض المباركة، ودون اتخاذ حالة الحرب الفعلية مع تلك الدول الداعمة لذلك الكيان...


أيها المسلمون:
القدس لا تنقذها بيانات التنديد والاستنكار والأسف التي أصدرتها وستصدرها الأنظمة في عالمنا الإسلامي.
القدس لا ينقذها بيان صادر عن اجتماع منظمة التعاون الإسلامي أو بيان صادر عن اجتماع مجلس الجامعة العربية أو اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي...
القدس تنقذها جيوش المسلمين الرابضة في ثكناتها، القدس تنقذها جيوش المسلمين المكبلة في المعسكرات.
القدس تنقذها غضبة صادقة لله من قادة وضباط جيوش المسلمين، فيا أيها القادة والضباط في جيوش المسلمين: اغضبوا لله من أجل القدس والأقصى وحركوا قطاعاتكم العسكرية نحو القدس وذودوا عن كرامة الأمة وزلزلوا الأرض تحت أقدام أمريكا، ولا تجعلوا من جيوش المسلمين حرسا لعروش الطغاة في بلاد المسلمين أو مرتزقة عند أمريكا وغيرها من الكفار المستعمرين.


ويا قادة وضباط الجيش الأردني: نسألكم بالله أن تغضبوا لله نصرة للقدس والمسجد الأقصى قبلتكم الأولى ومسرى نبيكم ﷺ وأنقذوا القدس والمسجد الأقصى واصنعوا النصر كما صنعتموه في معركةالكرامة لتفوزوا بعز الدنيا والآخرة وإنكم والله أهل لذلك. اما سمعتم قول قائدكم محمد صلى الله عليه وسلم (عن سيد البشر - صلىالله عليه وسلم - أنه قال: "لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين ... لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء (شدة) حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك، قالوا يا رسول الله وأين هم، قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس)، أما آن لكم أن تكونوا من هذه الطائفة فتنصروا الأقصى وتفوزوا في الدنيا بنصر محقق بإذن الله وجنة عرضها السماوات والأرض اعدت للمتقين، وتذكروا أن هذا وعد من الله عز وجل قال تعالى: ( فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيراً)، وتذكروا معركة الكرامة التي قاتلت فيها كتيبة واحدة من كتائب الجيش كيف أنها مرغت أنف يهود رغم قلة عددهم وعدتهم، فوالله إنكم تستطيعوا بما تملكون اليوم من عتاد وعدة أن تزيلوا هذا الكيان المسخ وتحرروا كل فلسطين.

ولتعلم أمريكا وليعلم رئيسها الأرعن أن الأمة الإسلامية التي وضع نفسه وبلاده في مواجهة مباشرة معها ستخلع نفوذ بلاده من المنطقة بل ومن كل بلاد المسلمين، وستتخلص من حكامها عملاء أمريكا المتآمرين وستقضي على كيان يهود وتنهي وجوده من فلسطين، فالأمة الإسلامية لا تعرف اليأس ولا الاستسلام ولا تخشى أعداء الله ورسوله والمؤمنين وفي مقدمتهم أمريكا.

 

     
27 من ربيع الاول 1439
الموافق  2017/12/14م
   
     
 
  الكتب المزيد
 
  • الدولـــة الإسلاميـــة (نسخة محدثة بتاريخ 2014/12/04م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند فتح الملف) الطبعة السابعة (معتمدة) 1423ه... المزيد
  • من مقومات النفسية الإسلامية الطبعـة الأولى 1425هـ - 2004 م   (نسخة محدثة بتاريخ 2014/10/21م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند فتح الم... المزيد
  • النظام الاقتصادي في الإسلام الطبعة السادسة (طبعة معتمدة) 1425 هـ - 2004م   (نسخة محدثة بتاريخ 2014/01/04م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة... المزيد
  • النظام الاجتماعي في الإسلام الطبعة الرابعة 1424هـ - 2003م (معتمدة)   (نسخة محدثة بتاريخ 2013/09/10م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند ف... المزيد
  • نظــــام الإســـلام   الطبعة السادسة (طبعة معتمدة) 1422هـ - 2001م   (نسخة محدثة بتاريخ 2012/11/22م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الص... المزيد