7 من شوال 1445    الموافق   Mar 28, 2024

بسم الله الرحمن الرحيم




الأصل في المرأة أنها أم، وربة منزل، وعرض يجب أن يصان
الجزء الأول

الحمد لله رب العالمين حمدًا يليق بعظمته وجلاله، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين صلوات ربي وسلامه عليه وبعد :


سأقسم مقالتي عن القاعدة الذهبية في كتاب: "النظام الاجتماعي في الإسلام" لمؤلفه العالم الجليل الشيخ تقي الدين النبهاني إلى جزأين. أتحدث في الجزء الأول عن القسم الأول من هذه القاعدة التي وردت في النظام الاجتماعي، وهو: {الأصل في المرأة أنها أم وربة منزل}، وسيكون الجزء الثاني بإذن الله عن تتمة القاعدة وهي: {الأصل في المرأة أنها عرض يجب أن يصان} سائلة المولى عز وجل التوفيق والسداد، وحُسن البيان والعرض، وبالله التوفيق. هذه المادة مستنبَطة من أدلة متعددة هي:

1. أولاً: دليل الترغيب في النكاح.

2. ثانيًا: دليل أن المرأة أحق بحضانة الولد.

3. ثالثًا: دليل منع المرأة من الخروج من بيت زوجها إلاّ بإذنه.

4. رابعًا: دليل وجوب خدمة الزوجة لزوجها.

5. خامسًا: دليل عورة المرأة، ودليل الحياة الخاصة لها.

6. سادسًا: دليل منع الخلوة.

7. سابعًا: دليل منع سفر المرأة من غير محرم

8. ثامنًا: دليل تحريم التبرج.


فالدليل الأول: ما رُوي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالباءة، وينهى عن التبتل نهيًا شديدًا ويقول: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم". ومنها: "تكاثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة". وهو حديث صحيح أورده الإمام الشافعي مرويًا عن ابن عمر وعن معقل بن يسار قال: "جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أصبتُ امرأة ذات حسب وجمال، وإنها لا تلد أفأتزوجها؟ قال: لا. ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة فقال: "تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثِر بكم الأمم".
فهذا يدل على أن حكمة النكاح والنتيجة التي يُقصد أن تترتب عليه هي الولادة، وقد نهى عن تزوج المرأة التي لا تلد، فهو يدل على أن الأصل في المرأة أن تكون أمًّا، ثم يأتي بعد ذلك أن تكون زوجة، وأن تباشر ما جعله لها الشرع أن تباشره من المباحات والمندوبات.


والدليل الثاني: أيضاً ما روى عبد الله بن عمرو بن العاص: "أن امرأة قالت: يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وحِجري له حواء، وإن أباه طلّقني، وأراد أن ينزعه مني. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت أحق به ما لم تنكِحي". فالحديث عدّد الأوضاع التي لدى المرأة بالنسبة للطفل، مما يدل على أهمية أمومتها، وقد حكم لها بكفالته. فهذان الدليلان يدلان على أن الأصل في المرأة أنها أم. علاوة عما جاء من أحكام تتعلق بالحمل وأحكام تتعلق بالولادة وأحكام تتعلق بالرضاع.


الدليل الثالث: ما روي عن أنس أن رجلاً سافر ومنع زوجته من الخروج، فمرض أبوها فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في عيادة أبيها فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقي الله ولا تخالفي زوجك"، وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلاّ بإذنه"، وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ومن حق الزوج على زوجته أن لا تصوم تطوعًا إلاّ بإذنه". فالشرع قد جعل للمرأة أن تعود أباها إذا مرض، وجعل لها أن تصوم تطوعًا لله، ولكنه جعل ذلك دون حق الزوج، مما يدل على أن الأصل فيها أنها ربة بيت.


الدليل الرابع: وأيضاً ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى على ابنته فاطمة بخدمة البيت وعلى عليّ ما كان خارج البيت. وكان صلى الله عليه وسلم يأمر نساءه بخدمته، فقال:"يا عائشة اسقينا، يا عائشة أطعمينا، يا عائشة هلمي الشفرة واشحذيها بحجر". فلو تعارضت خدمته مع عمل من الأعمال التي جعل الشرع لها القيام به مباحًا كالبيع، أو مندوبًا كصلاة التطوع، فإن خدمته أرجح من ذلك، فعليها أن تترك المباح والمندوب وتقوم بخدمته. فهذان الدليلان يدلان على أن الأصل في المرأة أنها ربة بيت.


وهذه القاعدة الذهبية تبين لنا معاشر النساء فقه الأولويات في الإسلام وسلّم الفرائض فيما يتعلق بعمل المرأة. فالمرأة على سلّم أولوياتها أنها أم، والأصل فيها الأمومة حملًا وولادة، ورضاعة ورعاية وتربية، كيف لا وهي مسئولة عن رعيتها ففي الحديث: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، والْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا.. ويا لدقة التعبير في الحديث: "في بيت زوجها" وعلى سلّم أولوياتها أمومتها وما يترتب عليها نم واجبات وخدمة وزوجها والقيام بحقه فلا يجوز للمرأة أن تقدم على هذه الوظيفة غيرها أو أن تقصّر فيها نهائيا بل أي عمل يقدم على الأصل!


وقد تقول قائلة: أليس في الإسلام فرائض أخرى في حق المرأة يجب عليها أن تقوم بها من مثل وجوب حمل الدعوة إلى الإسلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والعمل مع حزب سياسي للتغيير، واستئناف الحياة الإسلامية، وغيرها من فرائض يجب عليها أن تقوم بها وبتبعاتها من عمل ووقت وأن أغلب الأحكام مشتركة بين الرجل والمرأة إلا ما خصها الإسلام به، أو خص به الرجل وهو القليل، وهذا قول صحيح لا شك فيه ولا نقاش، فالكلام أعلاه لا ينفي صفة الوجوب عن بقية الفرائض، ولا يلغها نهائيا، ولا يعطلها ولكن هذا بحث آخر، ومسألة أخرى وهو مسألة فقة الأولويات عند تزاحم الفروض على المكلف شرعا، فعند تزاحم الفروض لا ينتقي المسلم أي فرض يقوم به مرجعيته في ذلك عقله وهواه، بل عليه أن يعود للشرع؛ ليحدد له سلّم الفرائض، وفقه الأولويات، والشرع جعل في سلّم وظيفة المرأة بهذه المادة المستنبطة من الأدلة التفصيلية سلّم وترتيب الفروض بالنسبة للمرأة، ويجب عليها أن تقوم بالفروض الأخرى وجوبًا، ولا يجوز لها بأي حال من الأحوال أن تجعل من وظيفتها الأصلية مانعًا لها من بقية الفروض كحمل الدعوة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والعمل للتغيير، ولا يجوز لها بحجة القيام بالواجبات الأخرى أن تقصر في أصل وظيفتها أو تهمل بها، بل يجب عليها أن ترتب وقتها بما تستطيع من خلاله من القيام بما عليها من فرائض، فلا تخرج من بيتها إلا بعد أن قامت بما عليها من أمومة، وخدمة بيت، وواجبات زوج، وبإذن زوجها في الخروج، ولدى المرأة - مهما ضاق عليها الأمر وكثرت عليها أعباء البيت - الوقت الكافي لتقوم ببقية الفروض عليها.


فالمسألة هي أولًا مسألة تزاحم في الفروض، وسلّمها ببيان الشرع لا العقل، وثانيها بمسألة ترتيب الوقت بما تستطيع معه من القيام بكل ما عليها من فروض وواجبات شرعية، فلا يجوز للمرأة بعد هذا البيان الموجز أن تُقَدِّمَ على وظيفتها الأصلية عملًا آخر، كما لا يجوز لها أن تعطل بقية الفرائض بحجة وظيفتها الأصلية، بل عليها أن تقوم بما يجب عليها، متبعة سلّم الفرائض عند تزاحم الواجبات وأولوياتها في حق المرأة بعد أن تستعين بترتيب وقتها، وتسأل الله العون والتوفيق بما كلفها وهو ضمن طاقتها مستغلة أحسن استغلال الوقت بدل إضاعته في ما لا طائل منه من مشاهدة برامج الفضائيات وإهدار الوقت بالكلام اللغو والمباح، التي تستحوذ على الكثير من الوقت، وقد يعود عليها بالإثم من مشاهدة ما حرمه الله، والحديث المحرم من غيبة ونميمة وغيرها.


عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "لا تَزُولُ قَدَمَا الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ. هذا وسيأتي لاحقًا في الجزء الثاني الحديث عن الأدلة الأربعة الباقية: الخامس، والسادس، والسابع، والثامن.


كتبته للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية الأردن -
راية الإسلام

 

     
29 من شوال 1438
الموافق  2017/07/23م
   
     
 
  الكتب المزيد
 
  • الدولـــة الإسلاميـــة (نسخة محدثة بتاريخ 2014/12/04م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند فتح الملف) الطبعة السابعة (معتمدة) 1423ه... المزيد
  • من مقومات النفسية الإسلامية الطبعـة الأولى 1425هـ - 2004 م   (نسخة محدثة بتاريخ 2014/10/21م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند فتح الم... المزيد
  • النظام الاقتصادي في الإسلام الطبعة السادسة (طبعة معتمدة) 1425 هـ - 2004م   (نسخة محدثة بتاريخ 2014/01/04م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة... المزيد
  • النظام الاجتماعي في الإسلام الطبعة الرابعة 1424هـ - 2003م (معتمدة)   (نسخة محدثة بتاريخ 2013/09/10م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند ف... المزيد
  • نظــــام الإســـلام   الطبعة السادسة (طبعة معتمدة) 1422هـ - 2001م   (نسخة محدثة بتاريخ 2012/11/22م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الص... المزيد