5 من ذي القعدة 1445    الموافق   Apr 24, 2024

بسم الله الرحمن الرحيم




النظام في الأردن يريد أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد

نشرت مواقع عدة ما يسمى الأوراق النقاشية، الأولى والثانية وحتى السادسة، والتي كتبت باسم العاهل الأردني عبدالله الثاني، وقد دارت الأوراق الستة تلك حول أفكار ثلاثة، وهي تتكر في كل ورقة من الأوراق إلا أن كاتبها يظن أنه في كل مرة يأتي بشيء جديد، فيظن في كل ورقة أنه أتى بما لم يأت به الأوائل، وبأن أوراقه تلك خرجت من بين فرث ودم لبنا خالصا ..والأفكار الأساسية التي دارت حولها الأوراق الخمسة، هي ترسيخ الإعتدال في المجتمع، والتسامح، والإنفتاح على الآخر ومن ثم جاءت الورقة السادسة للتركيز على دور ما يسمى المجتمع المدني، ودوره في ترسيخ (الحياة الديمقراطية) في الأردن وكل الأوراق التي سبقت، كانت توطئة للورقة السادسة ،وهي التي تتحدث وتركز على مفهوم الدولة المدنية، وبأنها تختلف عن الدولة العلمانية -حسب واضع الورقة- وبأنها تلك الدولة التي تقف من الجميع على مسافة واحدة ،وهي دولة القانون وحقوق الإنسان والتعددية الحزبية والسياسية.

إن كاتب الأوراق يدعي بأن الدولة المدنية هي دولة القوانين والمؤسسات، وهي ليست علمانية، فهي حسب زعمه لا تفصل الدين عن الحياة، وبأن الدين مكون أساسي في المجتمع الأردني، ونود هنا أن نسأل سؤالا صريحا ولعل واضع الأوراق يجيبنا بوضوح وشفافية، فنقول بما أن القسمة في التشريع ثنائية، بمعنى أن التشريع إما أنه لله وحده، فهو الذي له الحق حصرا في التشريع ،ويكون الأمر له ،والحكم له سبحانه، وإما أنه حق للبشر ،فيضعه زيد أو عبيد لا فرق، والسؤال أين الله ورسوله في دولتكم المدنية ؟ اظن طبعا أن واضع الأوراق، وصاحب الدولة المدنية، لن يجرؤ أن يجيب جوابا صريحا وواضحا ،ولذلك تراه يجمل وجه الدولة المدنية القبيح ،فيضع المساحيق والمكياجات فالدولة تلك- بزعمه- هي دولة القانون، والعدالة، والتسامح، وحقوق الإنسان، وهي وهي... ولكنه لم يجرؤ على تعريف ماهية الدولة المدنية، إنما عرفها بالأثر، وهو عند العلماء أي التعريف بالأثر هو أضعف أنواع التعاريف ،إنما كان يجب إن يكون التعريف بالماهية، أي ما هي الدولة المدنية ؟هل هي بمقابل الدولة الإسلامية أم ماذا؟ ولأن واضع الأوراق كما قلت لم يجرؤ، فإنه عرف بالأثر وليس بالماهية ،ولأنه يدرك الماهية، راوغ كالثعلب الذي يراهن على خداع فريسته ...ويتحدث كاتب الأوراق الستة بنرجسية، فهو يقول بأنه قد درس كل النظم التي عرفتها البشرية، أنظمة للحكم من جمهورية، وملكية نيابية، ودستورية، فوصل الى أن الدولة المدنية، هي الدولة التي يجب أن يقف عندها التاريخ، وطبعا لم يذكر نظام الخلافة الذي ملأ سمع الدنيا وبصرها طوال ثلاثة عشر قرنا، النظام الذي شهد به أسياده من الكفار والصليبيين، فالثلاثة عشر قرنا من العدل والإنصاف ليست عنده بشئ، لأنها ببساطة من الله وليست من أمريكا.

ولماذا لما لم تكن الخلافة حكما شرعيا، ونظاما للمسلمين يستحق ورقة نقاشية، لماذا أخذ جده الأول، البيعة على الكتاب والسنة بعد أن تعاون مع الإنجليز، لهدم دولة الخلافة العثمانية؟ فقد بايعه من بايعه من العلماء والعوام، على الحكم بالكتاب والسنة، وليس على الدولة المدنية، لكنه نقض بيعته وأبناءه وأحفاده، وأدخل على الناس العلمانية، وترك ما خوله الناس اياه، واشترى بآيات الله وعهده ثمنا قليلا، ونفذ عهد الإنجليز.

إن كاتب الأوراق الستة، وطأ بخبث ودهاء في الأوراق الخمسة لما يتوق له الناس ،من عدالة ،وأمان وحقوق مصادرة ،حتى يختم بأم هذه الأوراق، وهي السادسة والتي أسها الدعوة الى العلمانية، والدولة المدنية وهي دعوة صريحة، لفصل الدين عن الحياة ،والتشريع فيها للبشر وليس لله...ولعمري فإن القلب ينفطر على من كان بالأمس القريب يقول بأن القرآن دستورنا ،وبأن الإسلام هو الحل، ثم تراه يتلقف الدولة المدنية تلك، فيدفع عنها ويدافع، ويعقد في سبيلها المؤتمرات والجلسات ،فإننا والله لا نأسى على من كان الخالق لا يعني لهم شيئا ،فهم ينتظرون أن تكون العلمانية عند المسلمين دولة وقوانين، فليس عندهم ما يخسروه، أما أن تجد من أبناء الحركات المسماة إسلامية ،من يدافع عن الدولة المدنية، فهذه والله هي الكبيرة ...فالنظام أيها الأخوة، هو الخلافة لا غير، وليست الدولة المدنية العلمانية إلا دولة تريد أن تبدل ديننا أو أن تظهر في الأرض الفساد.


كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية الأردن
الأستاذ/ محمد عز الدين

 

     
08 من صـفر 1438
الموافق  2016/11/08م
   
     
 
  الكتب المزيد
 
  • الدولـــة الإسلاميـــة (نسخة محدثة بتاريخ 2014/12/04م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند فتح الملف) الطبعة السابعة (معتمدة) 1423ه... المزيد
  • من مقومات النفسية الإسلامية الطبعـة الأولى 1425هـ - 2004 م   (نسخة محدثة بتاريخ 2014/10/21م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند فتح الم... المزيد
  • النظام الاقتصادي في الإسلام الطبعة السادسة (طبعة معتمدة) 1425 هـ - 2004م   (نسخة محدثة بتاريخ 2014/01/04م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة... المزيد
  • النظام الاجتماعي في الإسلام الطبعة الرابعة 1424هـ - 2003م (معتمدة)   (نسخة محدثة بتاريخ 2013/09/10م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند ف... المزيد
  • نظــــام الإســـلام   الطبعة السادسة (طبعة معتمدة) 1422هـ - 2001م   (نسخة محدثة بتاريخ 2012/11/22م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الص... المزيد