7 من شوال 1445    الموافق   Mar 28, 2024

بسم الله الرحمن الرحيم




خطاب الكراهية موجه نحو الإسلام والمسلمين

 

ما فتئ الغرب يظهر عدائه العميق الذي ترسخ عبر العصور ومنذ ظهور نور الإسلام عبر خطاب مليء بالكره والتشويه والحقد
قال تعالى فاضحا لحالهم ومبينا سلوكهم الوحيد تجاه المؤمنين: (كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ )
ولقد كانت الحروب الصليبية الأولى تجيش الجيوش وتحشد لحملاتها من خلال ممارسة ضغوط نفسية وعاطفية ودينية وطائفية وعرقية على أتباعها بما سمي اليوم ب (خطاب الكراهية )

وخطاب الكراهية: هو أن تقوم فئة بتحشيد حملاتها المادية أو الإعلامية أو العسكرية للقضاء على فئة أخرى من خلال رسم صورة مشوهة أو حقيقية أساسها (عرقي أو طائفي) لتبرر لأتباعها إستباحة دمائهم وأموالهم، وبالنهاية تحقيقا لأهداف سياسية واقتصادية من وراء هذا الخطاب المقيت.

وهذا ما فعلته أمريكا (الرواد الجدد) عندما امتهنوا الهنود الحمر بحجة أنهم (عرق) أقل منهم شأنا وأحط منهم قدرا، فأبادوا الملايين منهم وسرقوا أموالهم واحتلوا أرضهم من خلال نفس الخطاب المليء كرها وحقدا.

وكذلك فعل الغرب عندما استعبد الإنسان لأنه يختلف عنه (بالعرق أو اللون) فنظر إليه بأنه سلعة رخيصة يباع ويشترى، فقتل وخطف عشرات الملايين من الناس أثناء اصطيادهم كالحيوانات ونقلهم عبر المحيطات لكي يكونوا عبيدا في سوق النخاسة لأنه مورس بحقهم خطاب كراهية نتن الرائحة فشوه إنسانيتهم وامتهن بشريتهم.

والغرب نفسة يكرر خطاب الكراهية الأسود، وقد وجهه نحو الأمة الإسلامية التي وقعت تحت نير استعماره المباشر والفكري والسياسي والإقتصادي، و يوجه خطابه بمزيد من الدهاء والمكر والخبث بحيث أنه استعمل جميع أسلحته وجميع أدواته للنيل من الأمة المسلمة ليرسخ فرقتها ويمعن في قتلها ويسلب خيراتها ومقدراتها ويمكن لعملائه من الإستقرار لخدمته لأطول فترة ممكنة من الزمن للحيلولة دون عودة المسلمين لدينهم ونظامهم السياسي المتمثل بالخلافة الإسلامية.

فها هو الغرب وعلى رأسه فاجرة العصر أمريكا تقود العالم اليوم متخذة من كذبة (الإرهاب) ومكافحته حجة لتقود خطاب الكراهية لمواجهه الأمة المسلمة، فأخذت آلتها الإعلامية تشوه الشخصية المسلمة على أنها مشروع إرهابي وبالتالي يجب الحرص من الإقتراب منها، وقام العالم الغربي وجميع العملاء في بلادنا بتلقف هذه الإملائات لتتخذ من مكافحة الإرهاب حجة للتضيق واعتقال وقتل كل من عمل ويعمل لاستئناف الحياة الإسلامية ولكشف مخططات الكافر المستعمر وعملائه في المنطقة.

فقام العملاء الفكريين من المستغربين يهاجمون الإسلام وعقيدته وأفكاره وأحكامه مستغلين استقوائهم بالغرب في لحظات ضعف الأمة اليوم، فأصبح العلمانييون واليسارييون يدعمون الدكتاتوريات القديمة لأنها أصبحت اليوم معهم في نفس الخندق لمحاربة الإسلام والمسلمين، وها هم اليوم قد انطلقت ألسنتهم السوداء بخطاب كراهية يزكم الأنوف، فهاهم العلمانيون يصرحون بكرههم للإسلام ورموزه المقدسة عبر مقالاتهم أو مهاجمته ونشرهم لرسوم مسيئة لمقدسات المسلمين.

ولقد نبأنا الله تعالى من أخبارهم وسلكوكهم تجاه المؤمنين (أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ ۖ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ۖ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ ۚ أُولَٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا )

وكذلك جيشت أمريكا والغرب الجيوش وسفكت الدماء عندما تحرك المسلمون في مصر وليبيا والشام لإسقاط أنظمة الطغاة في محاولة لإنعتاق من التبعية للغرب وعملائه، فأوعزت لعملائها بسفك الدماء وتدمير المدن والقرى واستباحة الأعراض... لكي تحول دون أن تسقط التبعية لها وللغرب عامة.

وبحجة محاربة الإرهاب تم توجيه خطاب الكراهية بوصفه الإسلام بأنه دين (إرهاب) وبحسب ما جاء على لسان أحد العملاء ( بأن المشكلة تكمن في الإسلام نفسه)، فبدأ الغرب بحربه الشعواء التي استباحت جميع المحرمات بإثخانهم بقتل المدنيين والأطفال والنساء باستهدافهم مباشرة لكي يفتوا في عضد المسلمين وليحرفوهم عن إسقاط الأنظمة في اليمن وليبيا والعراق والشام.

وكذلك استعمل الغرب أدواته الإعلامية لكي تثير وتوجه موجة من الكراهية المنظمة باتجاه المسلمين لكي يستطيع الغرب أن يتخذ من الإجراءات القانونية ضد المسلمين في بلاده، مثل ما قامت به فرنسا من إجراءات التضييق على المسلمات في لباسهن الشرعي، ومراقبة مساجد المسلمين ....وغيرها من الإجراءات التي تخالف القوانين في بلدانهم.

وأما ما فضحته ألسنتهم وكشفت بعض مكنون كيدهم ومخزون غيظهم فهو أكبر وأكثر من أن يحصى أو يكتب، فها هو مرشح الحزب الجمهوري للولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب لا يترك مناسبة إلا ويظهر حقده وعداءه السافر للإسلام والمسلمين.
وها هو وزير الداخلية الألماني يدعوا الحكومة لتقنين حظر النقاب لأنه يتعارض مع وجهة نظر المجتمع الألماني....
وكذلك ما قامت به فرنسا من تضييق على المسلمين ونمط عيشهم عبر مجموعة من الإجراءات والقوانين....
ولكن ما فعلته أيديهم الآثمة أكبر وأشد دموية، فها هو الغرب قد رمى المسلمين عندما تحرك فيهم الشعور بواجب التغيير عن قوس واحدة، و أشعل بلاد المسلمين نارا وأجرى الدمار فيها أنهارا ودمر البلاد والعباد، وكانت (جرائمه أكبر من أن تصنف كجرائم حرب)، كل ذلك ليحول دون وحدة الأمة وعودتها للمسرح الدولي فاعلة ومؤثرة بعد قيام نظامها السياسي الذي يسعى لإقامته اليوم المسلمون في جميع أنحاء العالم.

إن خطاب الكراهية التي تقوده اليوم أمريكا وسائر أذنابها ليس موجها إلى المسلمين الذين فصلوا الدين عن الحياة بجلوسهم في زوايا المساجد وأبعدوه عن تسيير حياتهم، وكذلك ليس موجها للمسلمين الذين فصلوا الدين عن الحياة وتشبثوا ببعض مظاهر الإسلام.
بل إن حرب العالم اليوم وبقيادة أمريكا موجهة وبشكل مباشر لمن جعل الإسلام بعقيدته وأحكامه الشرعية أساسا لتصوره وأساسا لسعيه وأساسا لعمله لنهضة المسلمين.
إن خطاب الكراهية ليس موجه إلى العلمانيين الملتحين، بل موجه إلى المسلمين المؤمنين الجادين الذين يحملون مشروعا شرعيا وعقليا يصلح لنهضة الأمة فكريا وسياسيا وماديا.
إن خطاب الكراهية ليس موجه لمن يمد يده للغرب الكافر عبر كافة الأساليب والوسائل ليتقرب منهم بحجة تقاطع المصالح ليحقق مصالح الغرب أولا...

بل إن خطاب الكراهية موجه للذين صدقوا الله ما عاهدوه عليه، فانبذوا الغرب واقطعوا حبائله وأحرقوها، وتعلقوا واعتصموا بحبل الله تعالى عاملين جادين لإعادة سيادة شرعه وسلطان أمتهم بدولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.


كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير-ولاية الأردن
الأستاذ: إبراهيم حجات

 

     
16 من ذي الحجة 1437
الموافق  2016/09/19م
   
     
 
  الكتب المزيد
 
  • الدولـــة الإسلاميـــة (نسخة محدثة بتاريخ 2014/12/04م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند فتح الملف) الطبعة السابعة (معتمدة) 1423ه... المزيد
  • من مقومات النفسية الإسلامية الطبعـة الأولى 1425هـ - 2004 م   (نسخة محدثة بتاريخ 2014/10/21م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند فتح الم... المزيد
  • النظام الاقتصادي في الإسلام الطبعة السادسة (طبعة معتمدة) 1425 هـ - 2004م   (نسخة محدثة بتاريخ 2014/01/04م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة... المزيد
  • النظام الاجتماعي في الإسلام الطبعة الرابعة 1424هـ - 2003م (معتمدة)   (نسخة محدثة بتاريخ 2013/09/10م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند ف... المزيد
  • نظــــام الإســـلام   الطبعة السادسة (طبعة معتمدة) 1422هـ - 2001م   (نسخة محدثة بتاريخ 2012/11/22م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الص... المزيد