7 من ذي القعدة 1445    الموافق   Apr 26, 2024

بسم الله الرحمن الرحيم




أقلام الظلام ... وأبواق الشيطان

ما كان من المهم التحدث والرد على العلمانيين الحاقدين بشأن هجومهم الجائر والظالم على اﻹسلام بعقيدته وأحكامه، بل كان لا بد من لفت نظرهم ونظر غيرهم للواقع الفاسد الذي يستقون منه أفكارهم وقيمهم السقيمة. فعندما تتحدث كاتبة حاقدة على كل ما من شأنه أن يربط باﻹسلام بالهجوم والتشويه والتدليس، ليس لشيء إلا عشقًا وانضباعًا بالحضارة الغربية الفاسدة، وبالمقابل كرهًا وحقدًا على اﻹسلام وثقافته وقيمه، ولذلك كان لا بد من الرد على بعض النقاط في هجومها الموتور وتدليسها المزعوم على بعض أحكام اﻹسلام وقيمه.


لقد كتبت تحت عنوان: (الولاية وهوان المرأة): "حتى نقول: إن هذه الحركة النسائية أو تلك نجحت أو لم تنجح، لا بدّ من أن ننظر إلى ما تحقَّق من عدلٍ على أرض الواقع. وأين العدل في أنّ المرأة ما تزال تحتاج إلى وليٍّ يسمحُ ويمنعُ، في الزواجِ وجواز السفر، وما تزالُ يتهدّدها الزوجُ، ناكر الجميل قليل الشهامة، بالزواج عليها؟ إن لم تصل الحركة النسائية إلى تحقيق مساواةٍ مطلقةٍ في الحقوق الإنسانيّة، فهي حركةٌ عرجاء ناقصةٌ في مرمى نظرها، وما يزالُ أمامها الكثير لتنجزه".

لاشك أن الكاتبة لها منطلق لا تخفيه، لا، بل وتدعو إليه صراحة لكي تصل بالنهاية بالمجتمع إلى ما يمثله الفكر الغربي القائم على أساس المبدأ الرأسمالي، ولذلك جعلت العدل والحكمة يتمثلان بما تراه هي, وبما تمثله فكرة فصل الدين عن الحياة، وعلى هذا الأساس تحاكم المدلسة اﻹسلام. وحيث أن الكاتبة ترفض ولاية الرجل على المرأة المسلمة من خلال تزيفها لحقائق مهمة جدًا, وهي تتمثل بطرح مشاكل وتصرفات الناس في ظل غيابهم عن اﻹسلام كنظام يطبق عليهم من قبل الدولة، فتحمل اﻹسلام وزر عدم تطبيق اﻹسلام وأحكامه من قبل دول تقوم ابتداء على فصل الدين عن الحياة. وأما اﻹسلام الذي يهاجمه العلمانيون بتدليسهم فقد نظم جميع العلاقات التي تنشأ بين البشر، وكانت من ضمن هذه العلاقات، علاقة الرجل بالمرأة وأما الولاية التي جعلها اﻹسلام حصنًا حصينًا للمرأه حكم شرعي ينظم علاقة الرجل سواء أكان أبًا أو ابنًا أو أخًا أو زوجًا للمرأة، وفي جميع الحالات هي عرض يجب أن يصان، ويضحى في سبيل حمايته ورعايته بالمال والدم. ولذلك كانت الولاية واجبًا على الرجل أن يقوم على حماية ورعاية وتأمين جميع من تعلقت ذمته من نساء، سواء أكانت أمه أو ابنته أو زوجته أو أخته، وكذلك كان من حق المرأة أن تطالب برعايتها من القصاء وإلزام الولي بالقيام بواجب الولاية إن قصر بها. قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ : «لا يَكُونُ لأَحَدِكُمْ ثَلاثُ بَنَاتٍ أَوْ ثَلاثُ أَخَوَاتٍ فَيُحْسِنُ إِلَيْهِنَّ إِلا دَخَلَ الْجَنَّةَ».

ولذلك كانت اﻷحكام الشرعية التي نظمت العلاقة بين الرجل والمرأة أظهرت طبيعة العلاقة بينهما قائمة على كونهما عضوين متساويين في إعمار اﻷرض، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) كما جعلهما متماثلين أمام التكاليف العامة، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) كما جعل اﻹسلام التعاون بين الرجل والمرأة لبناء المجتمع والحفاظ على قيمه أمرًا مقطوعًا به ولا يحتاج لمزيد كلام.كما نظم العلاقة بين الرجل والمرأة وأنشأ من خلال هذه العلاقة اﻷسرة والعائلة والعشيرة ومن ثم المجتمع المتميز الذي يؤمن بالعقيدة اﻹسلامية ويطبق عليه نظام اﻹسلام بأحكامه الشرعية. لقد جعلت الكاتبة المدلسة لمن خالف اﻹسلام فأكل مال النساء بالباطل حجة وشبهة على اﻹسلام نفسه، فقالت محورة للحقائق: "وإلا كيف نفسّرُ استيلاء الورثة الذكور على ميراثها عنوةً أو تخجيلاً في معظم مدن المملكة وأريافها وفي أكبر العائلات والعشائر؟" بينما يقول الله تعالى عمن يأكل أموال القُصَّر من البنات والبنين: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) وقال عن إرث النساء: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ). وأما حكم من خالف اﻷحكام الشرعية ومنع المرأة أو حتى الطفل، فقد بين الله تعالى عقوبته بهذه الآية التي ختمت بها أحكام الميراث، قال تعالى: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) ولذلك كانت مخالفة الولي للحكم الشرعي بعدم التزامه مدعاة للمحاسبة من قبل الدولة التي تتخذ من اﻷحكام الشرعية أساسا للحكم، ولكن التدليس والكذب على الله وعلى رسوله لتشويه دين الله تعالى وصد الناس عنه هو الذي جعل الكاتبة وأمثالها يتطاولون ويكذبون ويدلسون علَّهم بسوء ظنهم أن يصدوا الناس عن دين الله تعالى. وتدليسها بطلب الحكمة والعدل من الواقع الفاسد، وترتجي أن تخرج المرأة المسلمة من ولاية اﻷب أو الزوج لتقع فريسة للمتربصين من ذئاب وكلاب اﻹنس. نعم تريد المدلسة أن تخرج المرأة المسلمة الطاهرة العفيفة من حماية الولي إلى قوتها الخاصة التي جعلت من المرأة الغربية سلعة قذرة تباع في النوادي الليلية وسلعة أساسية للسياحة الجنسية، وما صدر عن لجنة حقوق المرأة في البرلمان الأوروبي فقدر عدد النساء اللاتي يدخلن أوروبا الغربية بغرض الاتجار الجنسي بنصف مليون امرأة. ويفوق العدد الكلي للمومسات في العالم خمسين مليون امرأة، ثلاث من أربع منهن تتراوح أعمارهن بين 13 و25 سنة. نعم تريد المدلسة من المرأة المسلمة أن تخرج من ولاية العز والرحمة، إلى هجران المرأة الغربية من قبل أبنائها وزوجها، فلا يعرفون أن لهم أما إلا بعد وفاتها، بعد أخطارهم بذلك من قبل بيوت العجزة والمسنين. وأما الولاية فلا تشمل جميع مناحي حياة المرأة المسلمة، بل هي محصورة في الزواج والسفر، فجعل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم صحة النكاح مشروطا بالولي فقال: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ». رواه أحمد والترمذي. وذلك أمر يشرف المرأة المسلمة، كما يشرف المرأة الغربية أن يقف معها وليها فيبارك زواجها. وكذلك منع المرأة من السفر من غير محرم فقال عليه الصلاة والسلام: «لا تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ». فالمرأة لها حرية مطلقة بإدارة أملاكها وتجارتها، كما فصل الشرع ذمتها المالية عن ذمة الرجل، فكان لها أن تتصدق على زوجها إن كان فقيرًا. ولكن، هل يفهم العلمانيون ما شرع الله تعالى من الحق والعدل.؟!

كتبه عضو المكتب الإعلامي - ولايةالأردن

الأستاذ إبراهيم حجات


 

     
16 من ذي القعدة 1436
الموافق  2015/08/31م
   
     
 
  الكتب المزيد
 
  • الدولـــة الإسلاميـــة (نسخة محدثة بتاريخ 2014/12/04م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند فتح الملف) الطبعة السابعة (معتمدة) 1423ه... المزيد
  • من مقومات النفسية الإسلامية الطبعـة الأولى 1425هـ - 2004 م   (نسخة محدثة بتاريخ 2014/10/21م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند فتح الم... المزيد
  • النظام الاقتصادي في الإسلام الطبعة السادسة (طبعة معتمدة) 1425 هـ - 2004م   (نسخة محدثة بتاريخ 2014/01/04م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة... المزيد
  • النظام الاجتماعي في الإسلام الطبعة الرابعة 1424هـ - 2003م (معتمدة)   (نسخة محدثة بتاريخ 2013/09/10م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند ف... المزيد
  • نظــــام الإســـلام   الطبعة السادسة (طبعة معتمدة) 1422هـ - 2001م   (نسخة محدثة بتاريخ 2012/11/22م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الص... المزيد