تتوارد أنباء في الإعلام الأردني شبه دورية عن مقتل طبيب أو ضرب معلم والشكوى عليه وسجنه، ناهيك عن التوترات اليومية بين المراجعين من المرضى والأطباء وخصوصًا في قسم الطوارئ، وساعات المساء ومثل ذلك في أكثر الدوائر الحكومية التي يحتاج المواطن مراجعتها، ونسمع بالخبر ويتولى الإعلام إيجاد حلول للموضوع بما يرضي المسؤولين والسياسة العامة في الدولة وتوجهاتها.

إنه لمن المؤسف حقا أننا لا نرى حلولا لمثل تلك الأحداث وخصوصًا أنها أصبحت تتفاقم، وتؤدي للقتل كما حدث مؤخرًا في مقتل الطبيب في منْزله وأمام أطفاله، ونحن هنا لن نكون كالإعلام نوجه التهمة للجميع ونتهم الالتزام العام للمواطن، وننتقد بعض تصرفات الموظفين، وأهم أمر هو عند الإعلام والإعلاميين الأردنيين ومثلهم كل الإعلاميين في العالم العربي والإسلامي، أن يكون النظام والمسؤول بريئَين، لا بل قد يذهب كبار الوزراء أو رأس النظام للخروج بالجنازة أو المواساة للمصاب، فيطبقوا المثل العربي القائل: "يقتل القتيل، ويمشي بجنازته"، فلا المسؤولون ولا الإعلام، ولا حتى خطباء وزارة الأوقاف يضعون النقاط على الحروف، أو يسعون إلى حل المشاكل من جذورها حتى لا تتكرر في مجتمع صغير مثل الأردن، وتتكرر المأساة مرات عديدة، ولا حلول جذرية تذكر.

أما البحث عن الأسباب فكل ذي عقل وبصر، وفكر ونظر يعلم أن العلاج ليس فقط بالعقوبة الرادعة، وإنما بتوفير أسباب عدم وقوع تلك الأحداث من أساسها، فهل يُعقل أن يبقى السبب الأساس والرئيس دون علاج، ونظل نقول ونكرر: لماذا تتكرر تلك الأحداث سواء مع الطبيب أو المعلم أو الموظف أو شرطي السير؟ ولله در الشاعر الذي قال:

لا تَقطَعَنْ ذَنَبَ الأفْعَـى وَتُرسِلَهَا ..... إِنْ كُنتَ شَهْمًا فَأتبِعْ رَأسَهَا الذَّنَبَا

فالعاقل ينهي السبب الأساس والرئيس من جذوره، ثم يتحدث عن العقوبة الرادعة، ويبحث بعمق وتفكير عن أسباب حدوث تلك المشاكل، وبناء عليه نأخذ مشاكل الأطباء والمعلمين؛ لأنها هي الأظهر والأبرز:

فهل يعقل لطبيب واحد، أن يعالج في يوم واحد أكثر من مئتي حالة مرضية في العيادة الخارجية؟

وهل يعقل أن يكون طبيب إسعاف واحد دون مساعدة في مستشفيات المحافظات والألوية؟

وهل يعقل أن يعمل الموظف براتب لا يكفيه حتى منتصف الشهر..؟! لكثرة الالتزامات والفواتير الشهرية وأجرة البيت، ناهيك عن ارتفاع الأسعار، والتي تنخفض عالميًا ولا نراها في بلادنا كذلك، أليس ذلك ومثله كثير يصعب تعداده وحصره، وهو سبب رئيس للأزمات والتوترات التي يعيشها المجتمع الأردني، والذي صبر حتى ملَّ الصبر من صبره، وأصبح شعب الأردن ينادى إعلاميا بأنه " أبو صابر".

وكل الناس يعلمون أن لصبر الشعب حدودًا، وإننا من هذا المنبر ننادي الشعب الأردني والمخلصين لدينهم أن يفرضوا على رأس النظام وعلى كل المسؤولين أن يضعوا حلولاً لتلك المشاكل التي أصبحت تتكرر بشكل دوري ومزعج وتزكم رائحته الأنوف، وهم يضعون رؤوسهم كالنعامة في الرمل، ورغم أننا نعلم أن الحلول الإدارية ممكنة وفي متناول اليد، ولكن عدم حلها يوحي بأن أمرًا يدبر لهذا الشعب؛ ليبقى يفكر بلقمة العيش، ولا يلتفت لقضاياه المصيرية، ومن لا يستطيع إيجاد الحلول الناجعة فعليه التنحي، وترك المجال للمخلصين؛ لأن الحلول سهلة وميسورة، فما تركنا رب العزة هملاً دون نظام، بل نظم حياتنا بمبدأ رباني، يحتوي عقيدة ربانية، ونظامًا ربانيًا من جنسه، يحل كل مشاكل بني البشر، ويرعى الإنسان كل الإنسان، بل ويرعى الشجر والحجر والحيوان، فإلى تطبيق شرع ربنا، وإلى إقامة دولة الإسلام ندعوكم أيها المسلمون في الأردن، وفي كل بلاد المسلمين، لنحل قضايانا على هدى رب العالمين، ونسعد بتطبيق شرع الإسلام، في ظل دولة الإسلام التي تحمي بيضة الإسلام والمسلمين.

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية الاردن
الأستاذ وليد نايل حجازات