30 من شوال 1445    الموافق   Apr 19, 2024

بسم الله الرحمن الرحيم




اﻹعلام سلاح ... وأي سلاح!!


لا شك أن الإعلام من الأهمية بمكان بحيث يمكننا أن نصفه بأنه سلاح، وهو سلاح فعال يمكن أن يستعمله اﻷتقياء ببناء دولتهم على أساس مبدئي، فيقدموا المعلومة كرسالة هدى وتقى، وتصل إلى الناس بصدق وشفافية، مما يساهم في نشر الوعي السياسي والفكري بين أفراد المجتمع. وكذلك يمكن أن يستعمله المنافقون واﻷفاكون والدجالون لقلب الحقائق وتشويه الحق وتكذيب الصادق، وهذا من شأنه أن يوجد الشك والخوف، وكذلك يعمل على إضعاف العلاقات الطبيعية في المجتمع نتيجة عدم الثقة بالمعلومة وبمصدرها، ولذلك نرى اليوم أن اﻹعلام المنافق قد فقد مصداقيته، فأصبح مثار السخرية والتندر من الناس، حتى وصل الأمر للحد بأن يكذب كل خبر أو معلومة، فعدما يصل باﻹعلامي وعبر قنوات فضائية بالتسحيج والتشبيح على عقول الناس بدون أدنى درجات الحياء، ويقوم بالكذب ثم الكذب وثم الكذب، وكأن الناس لا يسمعون ولا يفهمون، وهنا نقول: متى استحمرتم الناس؟ ومن الذي أخبركم بأن الناس يصدقونكم؟

يقول الله تعالى: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ويقول تعالى: (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُوْلـئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ) فسيقفون أمام الله تعالى، وسوف يسألون عما كانو يكذبون وعما كانوا يفترون. وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً». كما نرى اليوم فإن سقوط اﻷنظمة العربية من قلوب الناس ومن عقولهم يسبق وبشكل حتمي سقوطها سياسيا وقمعيا على أرض الواقع وبفترة قصيرة جدًا، ومن أهم بوادر سقوط اﻷنظمة كان سقوط دجاليها وكذابيها وسحرتها، فبفقد الثقة بمن يتحدث باسم النظام، يكون النظام قد فقد الركيزة اﻷساسية التي تربط الناس بالنظام من حيث المصداقية واﻹحترام والولاء واﻹنتماء.

ولهذا نرى أن اﻷنظمة قد أحاطت نفسها بمزيد من الكذابين لكي يصمموا منظومة من الدجل تفرز مجموعة من اﻷكاذيب التي تمجد الحاكم الرمز الذي أوصله الدجالون لدرجة اﻹله، ولكن الزمن قد دار دورته، فبزمن تقنيات الاتصالات التي أزالت الحواجز من أمام العامة، قد كشفت زيف الدجالين وفضحت كذبهم وعرت أسيادهم. واليوم لم يبق للدجالين من أثر يذكر على اﻷمة، حيث أن مصادر المعلومة لم تعد حكرًا على فئة تتقن فن الكذب والدجل، بل لقد أصبح بمقدور الفرد كما الجماعة الوصول للمعلومة من مصادر عدة، وبذلك تكون الأنظمة قد فقدت وبشكل كبير أثر سلاحها الفتاك الذي يعمل على تشويه الحقيقة كما يعمل على تشويه العقول من خلال (اﻹعلام الرسمي) فلم يعد اليوم شيء يربط اﻷمة باﻷنظمة، إلا بالتسلط عبر السند الخارجي لتلك الأنظمة على اﻷمة، فما يجري في اليمن وسوريا ومصر والعراق وأوزبكستان وغيرها من البلاد ليدلل على أن اﻷنظمة قد سقطت فعلاً، ولم يبق سوى إعلان البديل الطبيعي الذي يستند للأمة من حيث الفكرة، فعقيدنها اﻹسلام، ومن حيث القوة والسند، فالقوة والسند طبيعي من اﻷمة نفسها، فأمانها ذاتي، ولذلك كان النظام البديل لأنظة الدجل والخداع، نظام الخلافة اﻹسلامية الراشدة على منهاج النبوة.

 

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية الأردن
الأستاذ إبراهيم حجات

     
18 من رجب 1436
الموافق  2015/05/08م
   
     
 
  الكتب المزيد
 
  • الدولـــة الإسلاميـــة (نسخة محدثة بتاريخ 2014/12/04م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند فتح الملف) الطبعة السابعة (معتمدة) 1423ه... المزيد
  • من مقومات النفسية الإسلامية الطبعـة الأولى 1425هـ - 2004 م   (نسخة محدثة بتاريخ 2014/10/21م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند فتح الم... المزيد
  • النظام الاقتصادي في الإسلام الطبعة السادسة (طبعة معتمدة) 1425 هـ - 2004م   (نسخة محدثة بتاريخ 2014/01/04م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة... المزيد
  • النظام الاجتماعي في الإسلام الطبعة الرابعة 1424هـ - 2003م (معتمدة)   (نسخة محدثة بتاريخ 2013/09/10م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند ف... المزيد
  • نظــــام الإســـلام   الطبعة السادسة (طبعة معتمدة) 1422هـ - 2001م   (نسخة محدثة بتاريخ 2012/11/22م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الص... المزيد