لو نظرت حولك لوجدت تآمرًا ومكرًا بالإسلام وأهله يكاد لا ينحصر، فما من يوم انقضى نهاره إلا على مؤتمر أو ندوة ترعاها قوى الكفر والضلال، تنظر في تعميق بُعد المسلمين عن دينهم، وزيادة الفجوة بينهم وبين نظامهم السياسي الغابر - الخلافة الإسلامية - الذي كان مرتكز هيبتهم وقوتهم، ومصدر رعب أعدائهم.
وترى قوى الطاغوت تحكم الطوق على رقاب المسلمين حتى يظلوا عبيد الضعف وأسرى الهوى، لا يرون انفكاكًا من رباط المصالح الدنيوية مع الأنظمة الاستعمارية الكافرة وتلك المرتبطة بها ذلاً وخسة، تذيق الناس ألوان العذاب والهوان.

وللوقوف في وجه هؤلاء يجب أن نجعل ثقتنا واتصالنا بالله أوثق، وتمسكنا باﻹسلام أبين، فندفع عن أنفسنا سخط الله في الدنيا وعذابه في اﻵخرة، يقول الحق سبحانه: (وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَ‌بِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُ‌ونَ ﴿٥٤﴾ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّ‌بِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُ‌ونَ). (الزمر 55)

إن الله عز وجل قد تكفل لعباده الصالحين بالتوفيق والنصر والتمكين، إن أخلصوا النية له جلت قدرته، وأحسنوا العمل لوجهه الكريم، ولو أن تلك اﻷعمال قياسًا لمكر الظالمين كأنها لا شيء، ولكن الله تعالى يعظمها وينميها حتى تظهر على الكفر وأعوانه. قال تعالى: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴿٦٢﴾ لَّهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضِ وَالَّذِينَ كَفَرُ‌وا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُ‌ونَ). (الزمر 63)

وإن الزمان دار دورته، وإن وعد الله تعالى قد لاحت بشائره ﻷمة اﻹسلام بالاستخلاف (وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْ‌ضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْ‌تَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِ‌كُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ‌ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ). (النور 55) فوجب على المسلمين حسن الانقياد لله والتمسك بحبل الله المتين.

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - الأردن
الأستاذ: هيثم الناصر "أبو عمر"