7 من شوال 1445    الموافق   Mar 28, 2024

بسم الله الرحمن الرحيم




الإرهاب نتاج طبيعي للفكر الرأسمالي!!


لقد أصبحت كلمة الإرهاب من أكثر الكلمات تداولا بين السياسيين في مجال الإعلام، بل حتى في وسط الجمهور، فلا تكاد تخلو نشرة إعلامية أو حديث سياسي من التطرق إلى كلمة الإرهاب أو التطرف دون الوقوف على حقيقة هذا المصطلح الخطير أو معرفة نشأته، وماذا يراد منه؛ لذا وجب على المفكرين والسياسيين أن يدركوا حقيقة هذا التعبير وواقعه قبل أن تتلقاه الألسن دون وعي وفهم؛ لذا نقول:

 

إن مصطلح الأرهاب لمصطلح سياسي يرجعه بعض السياسيين إلى ما بعد الثورة الفرنسية مع الجمهورية، وكانت مستخدمة في زمن الرومان والإغريق، ولكنها لم تكن في زمن الخلافة الإسلامية في شتى مراحلها، وظهرت بعد ظهور وتشكل المبدأ الرأسمالي، وبعد الثورة الفرنسية أعيد بعث الروح إلى هذا التعبير، ونحن هنا نتكلم عن الإرهاب كمصطلح سياسي، وليس كبحث لغوي، ثم أصبح للكلمة اتفاقيات، مثل اتفاقية منع الإرهاب زمن عصبة الأمم المتحدة عام 1937 وكذلك سنة 1980خرجت لجنة الإرهاب التابعة لجمعية القانون الدولي بتعريف للإرهاب، ويجد الباحث والمتابع عدة أمور:

 

أولا: ظهور مصطلح الإرهاب بعد بدايات تشكل الكيانات السياسية الحديثة للمبدأ الرأسمالي، وخلو العصر الإسلامي من هذا المصطلح مع أنه كان موجودا زمن الإغريق والرومان بتعبيرات شتى، ومعان متقاربة، وتعاريف متعارضة أحيانا، ولكن المحتوى واحد.

 

ثانيًا: إن للإرهاب أكثر من مائة تعريف، وهذا الكم الهائل من الاختلافات في التعريف ليدل على أن واقع الإرهاب غير مدرك بذاته أو لا يراد له أن يدرك بأنه تعريف تابع لأجهزة الاستخبارات الغربية. لتحديد قوائم الإرهاب حسب ما تراه من مصالح لها، ومن يهدد هذه المصالح يوصف بالإرهاب، فقد يكون اليوم شريكا للغرب، وغدا إرهابيا يطارد ويقتل، وما مثال أفغانستان عنا ببعيد.

 

ثالثا: إن المتابع لسلوك الولايات المتحدة الأمريكية في ممارساتها يدرك أن ساسة الولايات المتحدة والغرب عموما أدركوا حقيقة انبثاق الإرهاب من الفكر الرأسمالي الفاسد الذي فتح باب الصراع بين الشعوب على مصراعيه، فرغيف الخبز آكله أنا أو أنت صراع على البقاء تمليه شريعة الغاب يأكل القوي الضعيف، وتنهب ثرواته وأرضه، وحتى تقوم بهذه الممارسات القذرة كان لا بد لها من ذريعة للتدخل والحرب والقتل والإبادة للآخرين. وهذه الذريعة هي الإرهاب.

 

رابعًا: أما سلوك القوي فلا يوصف بالإرهاب، فجرائم أمريكا إبان الثورة الأمريكية في حرب الشمال والجنوب، وجرائمها في الأمريكيتين وأمريكا الوسطى لا يعد إرهابا. وإلقاء القنابل الفتاكة والنووية لا يعد إرهابا. بل إنها احتلت بلادا، وقتلت شعوبا، وأبادت الملايين. وما أحداث العراق وأفغانستان والصومال عنا ببعيد. وما فعلته روسيا في الشيشان وفي الشام، وما فعلته بريطانيا وفرنسا، وما زالت هذه القوى تفعل ما تريد وتتذرع بمحاربة الإرهاب، وهي أم الإرهاب والقتل والدمار، بل إنها أي أمريكا وصفت من قاتل عملاءها بالإرهاب حفاظا عليهم، فثوار الشام إرهابيون؛ لأنهم وقفوا في وجه عميل أمريكا، ورفعوا شعارًا في إحدى الجمع: "ألم يشبع حقدك يا أمريكا من دمائنا؟". وتناقضت سلوكيات الغرب وأمريكا مع القضايا والأحداث العالمية مع ان الفعل واحد. فمثلا يحق للجيش الإيرلندي أن يطالب بالاستقلال من بريطانيا، ويقاتل ولا تصفه أمريكا بالإرهاب، ومقاتلو كشمير والشيشان فإرهابيون في نظرهم، ويتناقض الوصف مثلا حسب علاقتها بروسيا على قاعدة: من قاتل عدوي فهو حركة سياسية لها الحق، ومطالبها مقبولة ومشروعة، ومن قاتل عملائي، ووقف في وجه مصالحي، فهو إرهابي؛ لذا نجد التناقض الواضح بين دول الغرب في وصف الحركات بالإرهاب نتيجة مصالح الدول فقط.

 

خامسًا: إن الإرهاب نتاج طبيعي للمبدأ الفاسد، وممارسة لازمة للكيان السياسي الرأسمالي. أما الإسلام المبدأ الرباني الذي أراده الله للبشرية جمعاء، والذي خلق الوجود ونظمه ضمن منظومة تشريعية سماوية ارتقت بالإنسانية من البهيمية إلى الإنسانية الطبيعية، ومن الانحطاط إلى الرقي، ومن الذل إلى العز، ومن الشقاء والتعاسة إلى الهناء والسعادة، وما أعظمها من كلمات قالها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم ورضوا عنه: "إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام".

 

 

كتبته للمكتب الإعلامي لحزب التحرير- ولاية الأردن
حسن حمدان (أبو البراء)

 

     
30 من ربيع الثاني 1436
الموافق  2015/02/19م
   
     
 
  الكتب المزيد
 
  • الدولـــة الإسلاميـــة (نسخة محدثة بتاريخ 2014/12/04م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند فتح الملف) الطبعة السابعة (معتمدة) 1423ه... المزيد
  • من مقومات النفسية الإسلامية الطبعـة الأولى 1425هـ - 2004 م   (نسخة محدثة بتاريخ 2014/10/21م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند فتح الم... المزيد
  • النظام الاقتصادي في الإسلام الطبعة السادسة (طبعة معتمدة) 1425 هـ - 2004م   (نسخة محدثة بتاريخ 2014/01/04م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة... المزيد
  • النظام الاجتماعي في الإسلام الطبعة الرابعة 1424هـ - 2003م (معتمدة)   (نسخة محدثة بتاريخ 2013/09/10م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند ف... المزيد
  • نظــــام الإســـلام   الطبعة السادسة (طبعة معتمدة) 1422هـ - 2001م   (نسخة محدثة بتاريخ 2012/11/22م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الص... المزيد