قررت وزارة الأوقاف في الأردن خطبة الجمعة الموحدة لتاريخ 28/2/2020 تحت عنوان "فضائل شهر رجب الخير " ولنا مع هذه الخطبة وقفات:

ها هي ذي الأيام الفضيلة من شهر رجب تقبل علينا وفيها من النفحات الطيبات ما فيها، ثبت في الصّحيحين عن سيّد المرسلين ﷺ أنّه قال: «السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا؛ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ؛ ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ ».

فشهر رجب في تاريخ المسلمين شهد معارك وانتصارات سطر فيها المسلمون أروع أمثلة في العزة والإقدام والتضحية، فكانت فيه الانتصارات المبهرة وكانت فيه إعداد وتجهيز لمعارك إنتصر فيها المسلمون ورفعوا راية الإسلام راية التوحيد عالية خفاقة فوق بلدان كثيرة، أخرجوها من ظلم الطغاة وظلمات الكفر والضلال إلى عدل ونور ورحمة الإسلام و هداه، ونأتي على عدد قليل من هذه الاحداث العظيمة التي شهدها المسلمون في رجب لعلها تستنهض همم الامة نحو واجباتها في الدعوة لتحريك الجيوش لتحرير القدس وفلسطين والعمل لإستعادة سلطانها وإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة:

1- فقد كانت غزوة تبوك في التاسع والعشرين من رجب 9 هـ، وهي آخر غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتسمى بغزوة العسرة. وتحقق الانتصار للمسلمين دون قتال بفرار الروم، وإخلاء مواقعه بمواقع منها دومة الجندل وإمارة إيلة (على خليج العقبة) وقد وقعتا كتابا مع رسول الله يقضي بالخضوع، وترتب على الغزوة إسقاط هيبة الروم في جزيرة العرب، وتم تأكيد قوة الدولة الإسلامية وتوحيد الجزيرة العربية تحت حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد كانت غزوة تبوك تمهيدا لفتوح الشام التي بدأت بأمر النبي إرسال جيش أسامة لبلاد الشام، وهي الوصية التي نفذت في عهد الخليفة أبي بكر الصديق.

2- معركة اليرموك التي جرت في رجب من العام 15 الهجري، والتي غيرت مجرى التاريخ بهزيمة دولة الروم وجيشها الاقوى في العالم آنذاك، وانتصار المسلمين الذين إنطلقوا بنشر الاسلام بالدعوة والجهاد إلى العالم حيث وصلوا مشارف باريس بعد هذه المعركة بنحو قرن من الزمان

3- 4 رجب 12هـ الموافق 14 أيلول/سبتمبر 633م: فتح المسلمون مدينة الأنبار بقيادة خالد بن الوليد، بعد أن تم له فتح الحيرة، وذلك في جبهة فارس التي تولى فتحها بعد معركة اليمامة في حروب الردة

4- رجب 1089هـ الموافق 21 آب/أغسطس 1678م: جيش دولة الخلافة العثمانية يستولي على قلعة «جهرين» في أوكرانيا بعد حصار دام 32 يومًا، قتل خلاله 20 ألف جندي روسي وأوكراني

5- رجب 92هـ الموافق 27 نيسان/ إبريل 711م: نزول «طارق بن زياد» على الهضبة المعروفة باسمه «جبل طارق» بعد عبوره البحر المتوسط إلى الأندلس لفتحها بعد أن تم الاتفاق مع «يلويان» حاكم «سبتة» . وقد تمكن طارق بن زياد من تحقيق انتصارات عظيمة مكّنت المسلمين من فتح بلاد الأندلس

6- رجب 1294 هـ الموافق 20 تموز/يوليو 1877م: الجيش العثماني ينتصر على الجيش الروسي في معركة «بلونة» في منطقة البلقان في إطار الحرب الروسية- العثمانية التي عرفت بـ «حرب 93» ، وقد خسر الروس في هذه المعركة أكثر من 2800 قتيل

7- رجب 583هـ الموافق 2 تشرين الأول/أكتوبر 1187م: استرداد المسلمين لبيت المقدس بقيادة الناصر صلاح الدين الأيوبي حيث دخل القدس الشريف، وأدى صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك بعد حوالي 88 عامًا من الاحتلال الصليبي لها. وكان دخول صلاح الدين للقدس بعد انتصاره الباهر في حطين. ولم يفعل القائد المظفر بالصليبيين عند دخوله القدس ما فعل الصليبيون بالمسلمين من قتل ودموية بشعة أثارت اشمئزاز العالم حتى الآن، بل عفا عنهم، وأعطاهم الأمان، ثم الحرية.

رغم كل هذه الانتصارات العظيمة لا بد من التذكير بالحدث الابرز والمؤلم الذي تعيشه لأمة الاسلامية منذ تسع وتسعين عاماً، ففي الثامن والعشرين من رجب 1342 هـ  للهجرة، الموافق للثالث من آذار سنة 1924م ، تمكن الكفار المستعمرون بزعامة بريطانيا وبتواطؤ من خونة العرب والترك من هدم دولة الخلافة، فأعلن الخائن المجرم ربيب الكفر مصطفى كمال، في غفلة من الأمة الإسلامية، إلغاء نظام الخلافة نهائيا، وقد أصاب المسلمين نتيجة ذلك مصائب لا تحصى، فأعظم هذه المصائب أنه غاب شرع الله سبحانه عن الحكم في الأرض واستبدلت به أنظمة الكفر، التي فرضها الغرب الكافر ابتداء على بلادنا بالقوة، ثم صنع لها من أبناء المسلمين من يحرسها ويرعاها ويدعو لها، وينافح عنها، بل ويحارب من يدعو للحكم بالإسلام.

ونحن إذ نذكر اليوم فضائل الأعمال في هذه الأيام الفضيلة نذكر بحال أمة الإسلام وكيف تداعت عليها الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، نذكر حال أمة محمد صلى الله عليه وسلم وقد تآمر عليها الغرب الكافر المستعمر وحكام الضرار حكام البلاد الإسلامية الذين خانوا الله ورسوله والمؤمنين، نذكر بما يسمى صفقة القرن صفقة التآمر والخيانة على ثالث الحرمين الشريفين المسجد الأقصى معراج نبيكم، نذكر دمشق الأمويين وقد استبيحت فيها دماء المسلمين، نذكر بغداد الرشيد وقد تآمر عليها القريب قبل البعيد، نذكر ميانمار نذكر الشيشان نذكر مصر كنانة الله في أرضه وقد طغى فيها فرعون جديد، نذكر اليمن السعيد الذي بات حزينا من شدة القتل والتدمير والتهجير.

فمن للأقصى غير خليفة يحرك الجيوش لتطرد اليهود من أرض فلسطين المباركة، ومن للشآم غير إمام عادل يطبق شرع الله وينقذ البلاد والعباد من مجرم الشام ويطرد أعوانه من الروس المجرمين والأمريكان الصليبين.

فالأمة اليوم تغذ الخطى نحو مشروعها دولة الخلافة على منهاج النبوة وعد الله وبشرى نبيه صلى الله عليه وسلم، وتطالب بالإسلام حاكما ونظام حياة، فاعملوا أيها المسلمون مع العاملين المخلصين لاستئناف الحياة الاسلامية الرواد الذين لا يكذبونكم وهلموا ننصر دعوة الله هلموا إلى عز الدنيا و الآخرة، فوعد الله قائم بنصر المسلمين ولن يخلف الله وعده قال تعالى:

( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ )

والحمد لله رب العالمين