بسم الله الرحمن الرحيم




 

همسات

الحكام أولى الناس بالخوف والرجاء من الله

 

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد،

فقد نشرت وزارة الأوقاف خطبة الجمعة  للتاسع والعشرين من شهر شوال لعام 1439 هجرية الموافق للثالث عشر من شهر تموز لعام 2018 ميلادية وعنوانها " المسلم بين الخوف والرجاء " ولنا مع هذه الخطبة وقفات...


تحدثت الكلمة الموحدة عن الخوف والرجاء وأثرهما في حياة الفرد المسلم ، وأن المسلم يرجو رحمة الله ومغفرته فيسارع للخيرات ويقلع عن المعاصي بالتوبة إلى الله عز وجل ، وأنه - أي المسلم -  يخاف غضب الله وعقابه فيبادر بالإنابة و الندم على ما فات ، وكل هذا رجاء أن يدخل جنته وخوفا من دخول ناره.


وحتى توضع الأمور في نصابها الصحيح ، فالخوف والرجاء من أعمال القلوب أي من الأمور المتعلقة بالعقيدة الإسلامية، ومفهوم الخوف والرجاء معا ، مفهوم أصيل في حياة الفرد والجماعة في الإسلام.

 

ولكن الفكرة تبقى فكرة ما لم تتحول إلى مفهوم يؤثر في السلوك البشري ، فعقيدة الإسلام أي فكرة الإسلام ليست مجرد وصايا ولا اقتراحات ولا هي فكرة خيالية لا تصلح للتطبيق بل جاءت تريد السلوك أي العمل بمقتضاها ،وأن نرى أثرها في السلوك البشري ، فتجد الإسلام ربط السلوك بالمفهوم أي العمل بالإيمان ربطا محكما ففي مطلع سورة البقرة يقول : (الم (1) ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ،  فهنا قرن الإيمان بالآخرة والقرآن والكتب السماوية بالصلاة والإنفاق في سبيل الله ، أي قرن العقيدة بالسلوك الناجم عن الإيمان بها وهو الصلاة والإنفاق في سبيله تعالى.

 

ونجد حديث رسول الله عليه وسلم : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) أخرجه البخاري ، فهنا قرن صلوات ربي وسلامه عليه الإيمان بالعقيدة الإسلامية أي الله واليوم الآخر بالسلوك وهو إكرام الضيف وصلة الرحم وقول الخير او السكوت.والشواهد كثر لا حصر لها من الكتاب والسنة في بيان أن السلوك والعمل مرتبط بالإيمان بالعقيدة الإسلامية وهو أثر هذا الإيمان في النفس البشرية ، ومن هنا فالخوف والرجاء كأمور متعلقة بالعقيدة يجب أن يرى تأثيرها  في السلوك البشري وليست مجرد أمور قلبية لا علاقة لها بالسلوك ، فالإحسان وهو من مراتب الإيمان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك.

 

وجاءت الآيات القرآنية تبين أثر هذه الفكرة في السلوك البشري قال تعالى :

(الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)

هكذا يجب ان يكون حال قوى المؤمنين اليوم كحال المؤمين يوم أحد، فتحدث الله عن المؤمنين يوم أحد إذ حاول الناس أن يخوفوهم جمع قوى الكفر المادية لهم ، ولكنه الإيمان بوعد الله فجاء الرد الحاسم من المؤمنين أن حسبنا الله ونعم الوكيل ، هنا ترجمت مفاهيم العقيدة (الخوف والرجاء) من الله إلى سلوك ، لم يخش المسلمون جموع الكافرين ، وتقدموا بقلوب ثابتة مؤمنة إلى المعركة لينالوا إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة خوفا من عذاب الله إن حادوا عن سبيله ورجاء رحمته إن هم امتثلوا أمره.

 

(إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)

هكذا يجب أن نكون بين الخوف والرجاء متعلقين بالله وحده وهو ناصرنا حتما، فلا ترهبنا أمريكا وطائراتها ، ولا روسيا وصواريخها ، ولا كل قوى الغرب الكافر المستعمر عن نصرة ديننا ، والدفاع عن حرارئنا ، وتحرير مقدساتنا ، ونصرة شامنا وإخوتنا في درعا ، وفي ميانمار، فمن أحق بالخشية قوى الغرب الكافر المستعمر أم الله ؟!  ألم تسمع جيوش المسلمين هذا اليوم قول الله تعالى : (فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) ؟! أليس الواجب عليكم  يا جيوش المسلمين العمل لتحقيق وعد الله في الأرض بإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة لنستأنف حياة إسلامية يكون فيها الرجاء والخوف لله تعالى وحده؟!

 

قال تعالى : (فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)

هنا يحذر الله عز وجل من عاقبة الخوف والرجاء لغيره سبحانه فلا خوف إلا من الله،  بخلاف ما عليه أنظمة اليوم الذين باعوا أنفسهم ودماء المسلمين وتضحياتهم وثرواتهم  بثمن بخس للغرب الكافر المستعمر، يحملون ما يحمله الغرب الكافر المستعمر من مفاهيم من الحب والرجاء من البشر لا من الله جل جلاله ، لا رجاء إلا من الله وليس من الأمم المتحدة وهيئة الأمم ، لا خوف ولارجاء إلا من الله يا من حكمتم بغير ما أنزل خوفا من أمريكا وطمعا في رضاها، لا خوف إلا من الله  يا علماء السلاطين يا من اشتريتم بآيات الله ثمنا قليلا، فلا خوف إلا من الله وليس من الأذناب، ولا رجاء في مثوبة إلا من الله وليس فتات من الدنيا قليل يلقونها إليكم تتلقونها بذلة وخسة، ألا ترون أيها المسلمون أن ولاء حكامكم ليس لله ولا لرسوله ولا للمؤمنين وانما لمن نصبهم عليكم، لا يخشون الله فيكم ولا في أعراضكم ودمائكم، انما يخشون ويخافون من عدوة الاسلام أمريكا، ويمتثلون لأوامرها، ويتوددون لشر خلق الله اليهود، فقطعوا العلاقة مع الله فلا خوف ولا رجاء منه، وهم أحق بالخطاب من عامة المسلمين في التخويف من بطش الله وغضبه عليهم وهم يتخذون الكافرين أولياء من دون الله.

 

قال تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ)

وهذا هو سلوك حملة الدعوة اليوم لا ترهبهم اعتقالات النظام ، ولا الإقامات الجبرية ، ولا التضييق في الرزق ، هذا هو ترجمة الخوف والرجاء من الله تعالى وحده ، الالتزام بأمر الله والاجتناب لنهي الله ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم  يقول :أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر) سنن الترمذي ، وأن يكون الخوف والرجاء من الله، هو القوة الدافعة للعمل في سبيل الله لإعلاء كلمة الله وتطبيق شريعته في الأرض لاستئناف الحياة الإسلامية بدولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة ، هذا هو سبيل دخول الجنة نرجو رحمة الله ونخاف عذابه.

 

 

المكتب الاعلامي لحزب التحرير

ولاية الاردن

 

     
28 من شوال 1439
الموافق  2018/07/12م
   
     
http://www.hizb-jordan.org/