بسم الله الرحمن الرحيم




أهمية المتابعة والفهم السياسي للوعي السياسي

ليس الوعي السياسي هو الوعي على الأوضاع السياسية أو الموقف الدولي أو الحوادث السياسية أو تتبع الحوادث السياسية، وإن كان هذا مطلوبًا ومهمًا وضروريًا ولازمًا، وإنما هو بداية النظر إلى العالم من زاوية خاصة هي وجهة النظر، وهي عندنا بصفتنا مسلمين العقيدة الإسلامية، فنحن ننظر إلى العالم من زاوية الإسلام زاوية لا إله إلا الله محمد رسول الله، زاوية «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ». (متفق عليه).


والوعي السياسي من جانب الوعي على مخططات الغرب واستراتيجياته, وأساليبه ضرورة حتمية لضمان سلامة العمل؛ فالوعي الفكري ضروري لصحة العمل, والوعي السياسي ضروري لسلامة العمل, وإلا وقعنا في حبائل الغرب ومخططاته وأساليبه, وكنا نعمل ضمن خطة العدو فنسيء من حيث أردنا أن نحسن؛ فالإسلام يلزمنا بالوعي على مخططات الغرب تجاه الإسلام والأمة ومصالحها والمحتل والدول الطامعة في بلادنا، وقد علمنا القرآن الكريم الكشف السياسي في أكثر من موقف حيث قال تعالى: ﴿وَإذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أوْ يَقْتُلُوكَ أو يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ ويمكر الله وَاللّهُ خيرُ الْمَاكِرِينَ﴾ وأخبر الوحي عن محاولات قريش لقتل محمد صلى الله عليه وسلم, وكشف مخططات الكفر في محاولة تمييع الإسلام وجعله يقبل بمفاهيم وحضارات وأحكام الغرب فقال جل شأنه: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ (4) وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾ [سورة الكافرون]، وكشف تواطؤ الغرب على دولة الإسلام في غزوة الخندق، والكثير مما ورد في كتاب الله، ولم يكتف القرآن بهذا بل أمرنا بمعرفة سبيل المجرمين حيث قال تعالى: ﴿وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ﴾. فالأصل في المسلمين كما قال ابن القيم رحمه الله: "فالعالمون بالله وكتابه ودينه عرفوا سبيل المؤمنين معرفة تفصيلية وسبيل المجرمين معرفة تفصيلية، فاستبانت لهم السبيلان كما يستبين للسالك الطريق الموصل إلى مقصوده, والطريق الموصل إلى الهلكة, فهؤلاء أعلم الخلق، وأنفعهم للناس، وأنصحهم لهم، وهم الأدلاء الهداة). "الفوائد لأبن القيم الجوزية". وخطاب الرسول هو خطاب لأمته، وتستبين معناها تتبين أي من البيان والتفصيل، وسبيل جاءت نكرة مضافة, وهي تفيد العموم، فعلى العاملين للإسلام أن يستبينوا كل سبيل للغرب وأساليبه وأدواته, وليكونوا على دراية بها حتى لا يقعوا في مكائده، فهذا عمر فيما روي عنه يقول: "لستُ بالخِبِّ، ولا الخِبُّ يَخدعُني". فالمسلمون الأصل فيهم أن يتمثلوا هذه المقولة الرائعة "لستُ بالخِبِّ، ولا الخِبُّ يَخدعُني" والمعنى: لستُ بالماكر الـمُخادع, ولكنَّه لا يُمكن أن يخدعه الماكِر المراوغ؛ فليس المُؤمن مُخادعًا غادرًا، كما لا يَسمح لغيره أن يغدر به.


إن هذا الهجوم الكبير على الإسلام والمسلمين في الشرق والغرب يؤكد أن الأمة الإسلامية حية، ولو أن الأمة ميتة، ما ضربها أحد أو هاجمها أحد. وإن هجوم الغرب علينا, وعلى ديننا دليل على وجودنا وبقائنا ونموّ وعيِنا. ففي مقال نشرته صحيفة (ذا بوليتان) 2009/5/15 حذر الكاتب الأميركي هيرب دنينبيرج مما أسماه بـ"الغزو الإسلامي" لأوروبا قائلاً «إن هدف المسلمين حاليًا ربما يقتصر على النيل من إسرائيل، ولكن هدفهم الأساسي يتمثل في السيطرة على أوروبا»، وأضاف أنه إذا كانت أوروبا في الظاهر تعتبر "قارة غربية مسيحية" إلا أنها قريبًا ستكون خاضعة للسيطرة الإسلامية، معتبرًا أن «انهيار أوروبا المسيحية يمضي بخطى متسارعة"، وأن انحسار الثقافة الأوروبية يعود إلى "تراجع الإيمان بالقيم الغربية، في الوقت الذي يستميت فيه آخرون (في إشارة إلى المسلمين) في سبيل إعلاء قيمهم وثقافتهم»، وحذر من أن «الهيمنة الإسلامية سوف تغزو الولايات المتحدة بعد أوروبا باعتبارها الهدف النهائي للمسلمين». أما بات بوكانان، وهو جمهوري أميركي محافظ فيقول: "الحقيقة هي أن ثبات الإسلام وقدرة الاحتمال لديه شيء مبهر حقاً. فقد تمكن الإسلام من البقاء رغم قرنين من الهزائم والإذلال... لقد تحمل الإسلام أجيالاً تعاقبت على الحكم، واقتبست النمط الغربي، برغم ذلك صمد الإسلام أمام الملوك والحكام التابعين للغرب، بل وتصدى الإسلام بسهولة للشيوعية... وبرهن على قدرته على التحمل أكثر من الوطنيات التي سادت في العالم العربي. وما نراه الآن هو أن الإسلام يقاوم الولايات المتحدة آخر قوة عالمية كبرى ... وطالما تمكنت فكرة الحكم الإسلامي من السيطرة على الشعوب الإسلامية، فلن يتسنى آنذاك لأضخم جيوش الأرض الحيلولة دون ذلك. "ولن تهزم جيوش الأرض فكرة آن وجودها, وهذه ليست ضربًا من الخيال بل هي باعتراف أكثر من مفكر غربي .


كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية الأردن
الأستاذ: حسن محمد حسين حمدان

 

     
11 من صـفر 1439
الموافق  2017/10/31م
   
     
http://www.hizb-jordan.org/