بسم الله الرحمن الرحيم




الوطنية دين العلمانيين

 

عندما يريد أن يفرض شذاذ اﻵفاق نظرتهم وفكرهم وقيمهم على اﻷمة فلا بد لهم من محاربة جميع القيم السائدة والمستمدة من العقيدة اﻹسلامية التي سيرت اﻷمة سلوكها بحسبها ما يزيد عن ألف وأربعماية عام.
وعندما يريد اللصوص أن يسرقوا فلا بد من تشريع القوانين التي تمكنهم من السرقة وبحماية القانون.
وعندما يريد الفاسدون نشر فسادهم، فلا بد لهم من محاربة كل فضيلة، ولا بد لهم من محاربة كل من يدعو للفضيلة وتشويه صورته.

وعندما يريد المستغربون من أبناء اﻷمة نشر أفكار الغرب الفاسدة واﻹباحية، فنراهم اليوم قد تمترسوا وبلؤم شديد ومكر عظيم خلف شعار (الوحدة الوطنية)، فقد جعلوا ممن يخالفهم إرهابيًا، وجعلوا ممن يقف أمام مشروعهم بأنه رجعي، وجعلوا ممن يفضح خبثهم ويظهر فسادهم بأنه معاد ﻷمته تحت شعار مكذوب بأنه (غير وطني).

إن ما يجري اليوم هو محاولة ﻹرجاع اﻷمة ﻷحضان الجهل والتخلف والرجعية التي تتمثل بجعل (الوطن) مصدرًا لمحاربة الفضيلة، فعندما يستهزأ بعقيدة المسلمين ومشاعرهم، فيتم مهاجمة من يدعون لمحاسبة المستهزئين بأنهم يسعون للفتنة التي تشكل خطرًا على (الوطن).
وعندما يستهزأ من قبل نائب (مسيحي) بقائد من قيادة النبي محمد صل الله عليه وسلم كخالد بن الوليد، فيقوم الغيورون على دينهم وتاريخهم فيحاسبون المسيء، فيتم وصف المحاسبين بأنهم طائفيون ومعادون (للوطن).

وعندما يقوم المسلمون بالتعبير عن رأيهم باتجاه الفساد اﻷخلاقي الذي يتم الترويج له رسميا من خلال مهرجان جرش وغيره، فتقوم ألسنة السوء بوصف المحاسبين بأنهم ظلاميون وغير منتمين (للوطن).
وعندما يقوم أصحاب الفكر بمحاسبة قناة فضائية أساءت التصرف ببثها برامج رخيصة، فيتم وصف من حاسبها بأنه يحمل فكرًا داعشيا وولاؤه ليس (للوطن).

نعم, إن استرتيجية الناعقين في الظلام اليوم تتمثل بالهجوم الشديد على جميع من يعارضهم، وذلك بمحاولة توصيفهم بما من شأنه أن يشوه صورتهم أمام المجتمع والقانون، وتحميل كلامهم ما لا يحتمله وتحويره عن معناه كذبا وزورا.

وعندما يكذبون بتصويرهم بأن (المسيحيين) أي: النصارى ليس لهم حق في الفكر الإسلامي, وليس لهم أدنى احترام إلا في (الوطن)، بينما هم جيران لنا وأرباب عمل لنا موظفون عندنا ... وكل ذلك نتيجة الثقافة اﻹسلامية التي نظمت العلاقة بين المسلمين وغيرهم من رعايا الدولة وليس (الوطن).
وكذلك يهدفون من محاولة الهجوم على من يحمل القيم اﻹسلامية باستـئصاله سياسيًا ومشاعريًا من خلال العزف النشاز على مشاعر الناس بما يجمعهم من مصالح في (الوطن).

وكذلك يعمل علمانيو اليوم في محاولة إقصاء ممنهجة لمن يخالف توجههم، فهم اليوم يقفون مع خطة الغرب في إحلال قيمه ومفاهيمه في بلاد المسلمين محل قيم ومفاهيم الإسلام، ويقف المسلمون مدافعين ومنافحين عن قيمهم وأفكارهم، فناعقو الظلام اليوم يدركون أن معركتهم مع اﻷمة مباشرة، ولذلك تراهم يهاجمون كل ما من شأنه أن يوحد اﻷمة، وتراهم يبذرون ويزرعون الفتنة بكل أشكالها القبيحة وروائحها النتنة، ولذلك تراهم يتصيدون في الماء العكر عندما يبدؤون بمعالجة المشاكل الفكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، بألفاظ عامة (كحب الوطن, واﻹنتماء للوطن)، بينما يكون الحل من خلال منظومة فكرية وسياسية تجمع جميع مكونات اﻷمة وتحافظ على مصالحهم، فعندها يكون من يسرق الناس عدوا للناس و (للوطن)، وعندها يكون من يخون ويبيع ويسلم مقدرات اﻷمة ﻷعدائها مجرمًا يجب محاسبته ﻷنه خائن للأمة و (للوطن)

وعندها سنرى من يتطاول على عقيدة اﻷمة سواء أكان نائبا أو غيره، مسلمًا أو غير مسلم، يناله العقاب الرادع الذي من شأنه أن يضمن أمن اﻷمة والحفاظ على وحدتها وحفاظا على (الوطن) وعندها سنرى قول النبي صلى الله عليه وسلم يشكل المرجعية الثقافية للمسلم والنصراني على السواء: «من آذى ذميًا فقد آذاني».

وعندها سيعمل الخلفاء بمنهج عمر عندما فرض ﻷهل الذمة عطاياهم بوصفهم رعايا الدولة بعد أن قال: "ما أنصفناك".
وأما اليوم فنرى من في أدمغتهم أورام سرطانية, ووساوس شيطانية يمارسون الدعشنة في أسوأ صورها عندما يصفون كل من خالفهم بأنه داعشي الفكر والتوجه.

ولذلك نقول بأن توحش العلمانية اليوم نتيجة إفلاسها وإفلاس حامليها، فهم اليوم قد ضاقت عليهم أنفسهم وعقولهم بما يرونه من مظاهر الفكر السياسي الإسلامي الذي يشق طريقه بثبات نحو مشروع اﻷمة الذي يوحد قوتها وقدراتها، ويحافظ على وحدتها وأمنها.

كتبه عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير - الأردن
الأستاذ/ إبراهيم حجات

     
08 من ذي الحجة 1436
الموافق  -1/11/30م
   
     
http://www.hizb-jordan.org/